الموقعة، ولهذا نجت القافلة التجارية، والتحم المسلمون بجيش قريش، وصدق الوعد الإلهي، وقد جاء التأييد الإلهي كما أوضحت كتب الأحاديث المتعددة، البخاري ومسلم ومسند أحمد بن حنبل وغيرها، وأيدته أيضًا بعض الروايات التاريخية.
والمستشرقون والمؤرخون الجدد الذين أسكرتهم نظرية الدوافع الاقتصادية، قد غضوا النظر تمامًا عما ورد في القرآن الكريم والأحاديث النبوية في هذا الصدد، كما صرفوا النظر عن الروايات التاريخية التي تتعارض مع نظرياتهم، والتي تؤيد النظرية القرآنية. ووجهة نظر المستشرقين والمؤرخين المخالفين للإسلام واضحة تمامًا، إذ يقولون بأن الدافع الأساسي للغزوات والسرايا الإسلامية كان الغزو والإِغارة والحصول على الغنائم، ولهذا فمن المفهوم أنهم سوف ينصرفون تمامًا عن جميع الروايات والشواهد التي تتعارض مع نظريتهم.
وفي الحقيقة فإن المشكلة هنا في أولئك المؤرخين المسلمين الذين يعارضون -من جانب- نظرية الغزو والإِغارة، ومن ناحية أخرى يرون أن خطة إغارة المسلمين على قافلة قريش العائدة من الشام إنما كانت مقدمة لغزوة بدر، فالاستدلالان يعارض كل منهما الآخر، لهذا خرج بعض هؤلاء المستشرقين -بنظرية غريبة- وهي أن جميع المهمات الأولى التي خرجت قبل غزوة بدر كانت مخططة للخروج من أجل التصدي للقوافل التجارية المكية، وأرادوا أن يثبتوا الدافع الفعلي فقالوا إن الهدف لم يكن الإِغارة، بل أراد الرسول صلى الله عليه وسلم عن طريق هذا الأسلوب أن يؤثر على الاقتصاد المكي حتى يضطر أشراف قريش وأكابرها الذين ركبهم الغرور إلى عقد معاهدة أو مصالحة سياسية مع المسلمين.
لقد قام العلامة (شبلي النعماني) بكتابة بحث عظيم عن غزوة بدر، عرض فيه لما جاء في القرآن الكريم والأحاديث النبوية وجميع الروايات التاريخية،