وحللها تحليلاً صحيحًا. وبعدها عرض لأسلوب الرسول، وقدم تحليله مطابقًا للروح الإسلامية ومطابقًا للنظر التاريخي الصحيح وخرج (شبلي) بعد تحليله الصحيح لأحداث غزوة بدر، نتيجة لدعم آرائه بالدلائل القاطعة والبراهين الحتمية، فقال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم حين خرج مع المسلمين من المدينة المنورة، كانت في ذهنه وأمامه خطة واحدة وهي الالتحام مع جيش مكة، بينما كان لقاء قافلة قريش التجارية أمرًا ممكنًا، إلا أنه صلى الله عليه وسلم لم تكن لديه نية أبدًا في نهب القافلة أو الإغارة عليها؛ إذ إن الظروف التاريخية الثابتة تدل على أن المحرك والدافع الأساسي لغزوة بدر كان الجهاد الإِسلامي.
أما أولئك الذين حاولوا أن يجعلوا هدفها اقتصاديًا، فهم يؤيدون دون فهم أو تفكير نظرية المؤرخين المغرضين والمستشرقين أعداء الإسلام في هذا الشأن وهم يحاولون أن يثبتوا أنّ جميع الغزوات الإِسلامية والسرايا الإِسلامية كانت تهدف إلى الغزو والسلب، وأن هدفها كان اقتصاديا بحتًا.
بعد غزوة بدر، لم يتجرأ أي من المؤرخين المغرضين على البحث عما أسموه بالدوافع الاقتصادية لأى غزوة أو سرية من الغزوات التي وقعت مع قريش مكة؛ لأن جميع الغزوات والسرايا التي وقعت بعد ذلك كانت منبثقة عن مجرد تصادم أو تلاحم سياسي، مع أن بعض المؤرخين قد أثبتوا أنها غزوات سياسية فقط. إلا أننا نقرُّ بأنها بأي صورة من الصور كانت مظهرًا من مظاهر الجهاد الإِسلامي. ولو كان الرسول صلى الله عليه وسلم يضع نصب عينيه أموال الغنائم هدفًا، فقد كان فتح مكة وغزوة حنين والطائف من أطيب الفرص التي واتته، فأثناء فتح مكة كانت جميع ثروات أغنياء قريش أمامه يستطيع أن يستولي عليها، ولو أراد المسلمون لانتقموا مما حاق بهم من ظلم على يد قريش مكة، ولنهبوا ثرواتهم ولكن النبي صلى الله عليه وسلم عفا عن أهل مكة كلهم.