والأخير إلى هدف تبليغي دعوي وسياسي، ولم يكن للعامل الاقتصادي أي دور وراءها. أما ما يثيره المستشرقون والمؤرخون الجدد من أن الدافع إليها كان دافعًا اقتصاديًا فهو خطأ جسيم من أوله إلى آخره.

غزوة بدر

هناك وجهتا نظر فيما يتعلق بغزوة بدر، الأولى تتعلق بالقرآن الكريم والأحاديث النبوية، والثانية تتعلق بأصحاب السيرة والسوانح. وتحليل جميع روايات المصادر المتعلقة بأصحاب وجهة النظر الثانية يدل على أن المهمة التي قادها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع مسلمي المدينة على القافلة المكية المتجهة إلى الشام والتي كانت تحمل بعض أموال قريش، بقيادة أبي سفيان بن حرب الأموي. خرج إليها من المدينة المنورة (314) فدائي من بينهم (83) من المهاجرين و (231) من الأنصار، وحين وصلوا إلى بدر عرفوا أن قافلة أبي سفيان التجارية قد نجت، وبعد أن سمعت قريش بخبر خروج المسلمين، أعدت جيشًا ضم حوالي ألف جندي تقريبًا، ووصل بالقرب من بدر، واضطر المسلمون إلى الدخول في الحرب التي انتهت بنصرهم في النهاية.

ولكننا نعرف من الآيات الأولى لسورة الأنفال (آية 5 - 20) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل خروجه من المدينة المنورة كان قد علم بقيام جيش قرشيي مكة قبلاً، وطبقًا للآيات القرآنية حين خرج رسول الله من المدينة مع المسلمين، كانت هناك إمكانية لأن يلتقى ويصطدم مع القافلة العائدة من الشام ومع الجيش القرشي القادم من مكة، وكانت جماعة من المسلمين تتوق إلى القتال وكانت جماعة أخرى تتمنى أن تلتحم وتصطدم مع القافلة التجارية القادمة من الشام، وتتحاشى الاصطدام بجيش قريش، لأن في هذا خطرًا على أرواحها، وقد عبر القرآن الكريم عن هذا المسلك بقوله: ((كأنَّما يُسَاقُون إلى المَوْت)) (1) إلاّ أن الله تعالى أراد أن يفصل بين الحق والباطل في هذه

_______

(1) ((يُجَادِلُونَك في الحق بعد ما تبين كأنما يُساقُون إلى الموت وهم ينظرون)) الأنفال آية 6. المترجم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015