اقتصاديًا، بل كان غير ذلك، حتى سرية نخلة فقد كانت - طبقًا لأوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم - لمعرفة الظروف، والتعرف على أحوال المنطقة، لا للإغارة والسلب، ونظرًا للظروف التي تغيرت فجأة إذ تم الهجوم على فصيلة من جند المسلمين مما اضطرهم إلى الاستيلاء على القافلة المكية، إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أظهر عدم رضاه عما حدث، ولم يلمس بيده مال الغنيمة هذا حتى غزوة بدر.
أما المستشرقون فإنهم بما يحملون من خبث اتهموا الرسول الأكرم والمسلمين، وخاصة مجاهدي سرية نخلة، بأنهم قاتلوا في الشهر الحرام، وبهذا لم يحترموا قدسيته، إلا أن القرآن الكريم والمصادر الإسلامية قد برأتهم من هذه التهمة التي يرددها المستشرقون.
وإذا كان أنصار المدينة قد فتحوا صدورهم لإخوتهم المهاجرين واستضافوهم في بيوتهم، وأشركوهم معهم في أملاكهم وممتلكاتهم وفي تجارتهم وزراعتهم عن طريق المؤاخاة. فمن أين تظهر قضية الغارة والإغارة؟ ومن الثابت من رواياتنا وهي تلك الروايات التي اعترف بها الأعداء أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد آخى حتى بين المهاجرين والأنصار في أعقاب الهجرة مباشرة ونتيجة لهذه المؤاخاة فإن المسلم لم يصبح أخًا للمسلم فقط بل يحق له أن يرثه في أملاكه في حالة وفاته، وبعدها -حين أثبت القرآن الكريم حق الوراثة برابطة الدم- لأن حالة المهاجرين المادية تحسنت، ظلت هذه المؤاخاة قائمة أيضًا إلا أنه لا وراثة فيها، ومارغوليوث وهو من المستشرقين المعادين للإسلام لم يعترف فقط بالتضحيات العظيمة التي بذلها الأنصار، بل اعترف أيضًا بحقيقة الحالة الاقتصادية الطيبة للمهاجرين وكسب عيشهم عن طريق العمل بالتجارة والزراعة والصناعة وغيرها.
ويثبت من كل هذه الحقائق أن المهمات الأولى كانت تهدف في المقام الأول