الله صلى الله عليه وسلم وعن أي مجاهد من المجاهدين وعامة الصحابة الذين اشتركوا في هذه المهام أن هدف هذه المهام كان قافلة من القوافل، ولأن رواتنا وكتاب الأخبار من أهلنا قد وضعوا أمام أعينهم وهم يكتبون خلفية مقاومة قريش في مكة للرسول ومعارضتها للإِسلام لهذا ظنوا -وظلوا يظنون- أن كل إجراءات رسول الله هذه كانت بالضرورة موجهة ضد قريش، بينما لم يكن الأمر كذلك. ويفهم من دراسة وفحص هذه الروايات أن هدف معظم هذه المهمات، وخاصة تلك التي أرسلت إلى مناطق القبائل العربية كان هدفًا سياسيًا تبليغيًا، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يعقد معاهدة صداقة وتعاون مشترك مع القبائل العربية المجاورة، وتم ذلك على عهده صلى الله عليه سلم، وكما تذكر الروايات فقد عقدت معاهدات تعاون مشترك مع قبائل بني حمزة وأسلم وغفار وغيرها. كل هذا حدث نتيجة لإِرسال تلك المهمات الأول التي هدفت إلى تبليغ الإِسلام أو إقامة علاقة سياسية بالمفهوم الحديث.
وكانت بعض هذه المهمات تهدف إلى جمع المعلومات والوقوف على الظروف الجغرافية الإِقليمية مثلما يفهم من واقعة " نخلة "، أما مهمة عسفان فقد كانت إجراءً حربيًا خالصًا ضد مهاجمين من مكة قاموا بالهجوم على مراعي المدينة، وأصابوها في المال والأنفس، واضطر المسلمون إلى القيام بهذه المهمة.
ويجب أن نذكر أن المنازل المختلفة حيث وقعت هذه المهمات الأولى كان بينها وبين طريق التجارة مسافة بعيدة، كما كان قيام المسلمين الموكل إليهم هذه المهام يقع في مناطق محددة، ولمدة معينة، ولم يكن هناك تصادم مع القوافل إلا ما يدعو لذلك، بل لم يكن هناك صدام في معظم الأحيان، وما عدا سرية نخلة فإن جميع المهمات بدون جدل أو جدال -وكما يقول المستشرقون- عادت بدون أن تحقق هدفها، فقد كان عدد الجنود المسلمين قليلاً، كما أن بعض الحقائق والقرائن توضح أن دوافع هذه المهمات لم يكن