المستشرقون لمفاسدهم وخططهم الخبيثة الرامية إلى بلبلة أفكار المسلمين، فقد قام عدد منهم يدعي أن الإيذاء الذي وقع بالمسلمين من جانب قريش إنما كان قاصرًا على السخرية والتعريض والهجوم بالكلام والشتائم، وأن التعذيب الجسماني كان شيئًا لا يذكر، والروايات التي تصادفنا فيما يتعلق بتعذيب المسلمين في المصادر الإسلامية، توضح لنا مبالغة المؤرخين المسلمين، مما دفع المؤرخين الآخرين إلى رفض مثل هذه الروايات بسبب تلك المبالغة.

والحقيقة أن إيذاء مسلمي مكة على يد قريش يُعد بابًا مضيئًا في التاريخ الإسلامي، وهو دليل ثابت على غيرتنا وحميتنا الدينية، ويعرف من الروايات الموثقة أن عددًا من الصحابة وبخاصة الضعفاء منهم كانوا بلا حول ولا قوة وقد تعرضوا لظلم يحطم الصخر ويهز الجبال، وقد مرّ بمراحل التعذيب تلك صحابة كرام من مثل بلال بن رباح الحبشي، وخباب بن الأرت التيمي، وعمار بن ياسر، ووالديه ياسر وسمية، وعدد من الغلمان والإماء من مثل زنيرة، وأم عبيس وغيرهما تعرض بعضهم لحرّ الظهيرة. وقد وضعوا على صدورهم الأحجار كاللظى. وتعرض بعضهم للكي بالنار في مواضع عديدة في أجسامهم، وتعرض بعضهم للضرب على الرأس حتى تفجرت الدماء منها، هذا بالنسبة لأولئك الذين لم يكن لهم حول ولا قوة.

هذا كما تعرض رجال الأسر المعروفة للإيذاء والتعذيب على يد أقاربهم وذويهم. وممن تعرض للتعذيب عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وسعيد ابن يزيد العدوي، وعدد كبير من السادة والسيدات الذين مروا بمراحل عديدة من العذاب.

والرسول صلى الله عليه وسلم نفسه لم يسلم من أنواع الإيذاء والتعرض لشخصه الكريم وأكبر دليل على الظلم الذي حاق بمسلمي العهد المكي من مظالم قريش هو أن أكثر من مائة مسلم تركوا وطنهم وديارهم للنجاة من قهر قريش وظلمهم،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015