وهذا هو الواقع يشهد أنهم لم يستطيعوا أن يطفئوا نور الله بأفواههم، فكل من يقرأ القرآن الكريم بذهن متفتح يرى نفسه مجبرًا على الاعتراف بأنه كلام من عند الله سواء اعترف بذلك أو لم يعترف.
تطور الدعوة الإسلامية في العهد المكي:
قدم ابن إسحاق وغيره من كتاب السيرة تحليلاً لتطور انتشار الإسلام في مكة المكرمة، وطبقًا لما أورده فإن المسلمين الأربعة الأوائل كانوا: السيدة خديجة بنت خويلد الأسدى، وأبا بكر الصديق التيمي، وزيد بن حارثة الكلبي، وعلي بن أبي طالب الهاشمي، وقد أثبت ابن إسحاق بعد ذلك قائمة تضمنت أسماء الخمسين الذين أسلموا في الدور الأول بالترتيب، وهم الذين شرفوا بالإسلام في بداية الدعوة الإسلامية، وطبقًا لما أوردته المصادر، فقد انتشر الإسلام خارج مكة نتيجة لجهوده صلى الله عليه وسلم وصحابته من المبلغين، وبدأت القبائل وأفرادها الذين يقيمون قريبًا من مكة تفد عليها، كما بدأ نشر الإِسلام في المناطق المختلفة بفضل جهود المبلغين الذين ينتمون إلى تلك المناطق ذاتها وهكذا قام المبلغون المحليون بنشاط مشهود داخل مناطقهم في سبيل نشر الإسلام.
ولو قمنا بتحليل الوضع القبلي والأسرى والاجتماعي وبخاصة للسابقين الأولين من مسلمي مكة لوجدنا أنفسنا أمام حقيقة واضحة تجلت في أنه كان من بينهم أناس من جميع طبقات المجتمع المكي، ومن بينهم أفراد ينتمون إلى أغنياء مكة المكرمة ورؤسائها، ومع أن عددهم كان قليلاً نسبيًا فإن أكثرهم كان من شباب قريش الذين كانوا ينتمون إلى أشراف بطون قريش. وفي مقابل هذا دخل في الإسلام بعض الفقراء وكان معظمهم من الموالي والغلمان.
ومن العجيب أن ينادي بعض المؤرخين المغرضين بأن جميع المسلمين الأوائل كانوا ينتمون إلى طبقات فقيرة معوزة.