ويثير المستشرقون عامة، والمعاندون الجدد خاصة هذا الاتهام القائل بأن تدوين القرآن كان في العهد العثماني (أى على عهد عثمان بن عفان) رغم أن جميع هؤلاء المؤرخين والمؤلفين لا ينكرون الشواهد التاريخية المذكورة سابقًا، والتي تشهد على تدوين القرآن الكريم في العهد النبوي، بل إنهم ينكرون أيضًا الحقيقة القائلة بأنه في العهد الصديقي كان القرآن الكريم قد رُتب في شكل مصحف.

وقد ثبت ثبوتًا متواترًا أنه بناء على طلب عمر بن الخطاب فإن الخليفة الأول أبا بكر الصديق كوّن جماعة ومجلسًا من الصحابة الكرام، كان على رأسهم حافظ القرآن وكاتبه الشهيد زيد بن ثابت الخزرجي، وقام هذا المجلس بجمع جميع السور المكتوبة لدى الصحابة الكرام ودوّنها في شكل كتاب، وكان هذا هو أول مصحف، وهو الذي عُرف باسم المصحف الصديقي أو المصحف الأعظم، وبعد استشهاد عمر الفاروق كان هذا المصحف محفوظًا لدى أم المؤمنين السيدة حفصة، وقام عثمان رضى الله عنه بإعداد نسخ من هذا المصحف الصديقي، وأرسلها إلى أمصار وديار الدولة الإسلامية حتى تكون كتابة القرآن ونطقه وقراءته ماضية على نسق واحد ومستوى واحد، وألا يوجد فيها أي نوع من أنواع الاختلافات، أما ماسخو التاريخ الإِسلامي فقد أنكروا جميع هذه الحقائق البديهية وقاموا بترويج أفكار لا أساس لها من الصحة لمجرد أنهم من القائلين بالتحليل والنقد التاريخي في هذا الموضوع، وهدفهم المسبق بالطبع هنا هو أساسًا صد الناس عن كتاب الله، فإذا لم ينجحوا في هدفهم هذا فليعملوا بعد ذلك على ابتلاء الناس -على الأقل- بسوء الفهم، وبلبلة الأفكار، وغرس الشك والشبهات في أذهان المسلمين الأميين أو قليلي التعليم وإقناعهم بأن الكلام الإِلهي لم يكن محفوظًا ليصدوا الناس بذلك عن قبول الحق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015