شخصيته، وكم صدقوا بكل يقين جوانب رسالته. ويفهم من تحليلنا للمصادر أن هذا الأمر تجاوز الحد تواترًا من ناحية الشهادة التاريخية، فهناك جم غفير من المعاصرين يشهدون بكل الحق على صدق رسالته صلى الله عليه وسلم ونزول الوحي عليه، وعظمة شخصيته.
وإذا ما تركنا هؤلاء وتركنا مؤيديه جانبًا فإن معارضيه أيضًا قد اعترفوا برسالته صلى الله عليه وسلم رغم أنهم " يؤمنون به بقلوبهم وينكرونه بألسنتهم ". ثم هناك حقيقة تاريخية لا يمكن إنكارها، وهي أنه بعد تبليغه لدين الله لمدة 23 سنة عرف جميع أهل شبه الجزيرة العربية تقريبًا حق الرسالة التي قدمها لهم، واعترفوا وفهموا وآمنوا بالكلام المنزل من عند الله على رسوله، وآمنوا تمامًا بأنه رسول الله وأن القرآن كلام من عند الله وأنه وحي أوحي إليه. وهذه أكبر حقيقة تاريخية على نبوته وعلى رسالته، وهي شهادة خالصة على ذلك يجب على كل مؤرخ أن يعترف بها، ولا يمكن لأحد أن يُنكرها إلا إذا كان متعصبًا بعيدًا عن الأصول والأخلاق الإنسانية والمنهج العلمي المحايد.
تعاليم القرآن الكريم:
وكما يقوم المستشرقون وأتباعهم من المؤرخين الجدد بتوجيه النقد المغرض البعيد عن أصول التأريخ إلى الوحي الإلهي ونزوله - يقومون أيضًا بتوجيه اعتراضات وإلصاق شبهات بتعاليم القرآن الكريم وتدوينه، ومن أهم الاعتراضات التي يوجهونها إلى تعاليم القرآن الكريم. بعض الاعتراضات التي يمكن أن تلتبس عليهم والتي تتعلق بالظروف المكية التي نزل الوحي يعالجها مواكبًا ظروف البيئة مثل تعليمات الإنفاق والسخاء والنجدة وغيرها (1)، إلا أن البعض الآخر من اعتراضاتهم مما يتعلق بالأحكام السياسية فهي بلا شك
_______
(1) فكأنهم يرون أن القرآن استجابة للبيئة العربية وتحدياتها فقط!!