أي أمور غيبية، لهذا فهي خارجة عن تجربة الإنسان ومشاهداته ومن هنا فهي تخرج عن دائرة المؤرخ؛ لأن المؤرخ يصدق أو يرفض الروايات والأخبار المتعلقة بالوقائع الحسية والتجارب الواقعية، أما نزول الوحي فهو تجربة يمر بها النبي فقط، ولهذا فلا يمكن لشخص آخر أن يصدقها أو يرفضها، ولهذا يجب على المؤرخين أن يتوقفوا عندها.!!
ويرى المستشرق المعاصر المشهور بميوله الإِسلامية وهو " مونتجمري وات " أن المؤرخ لا يستطيع أن يقول إنه كان وحيًا إلهيًا بحق؛ إذ إن الوحى أمر يخرج عن دائرة بحث المؤرخ.
وطبقًا لأصول البحث التاريخي الحديثة، فليس من عمل المؤرخ أن ينكر نزول الوحي الإلهي أو أن يقره، وليس من شأنه أن يصدقه أو يرفضه، لأن هذا يخرج عن دائرة عمله، ولكن يجب -مع ذلك- أن نسلم أيضًا بهذه الحقيقة وهي أن التصديق بنبوة رسول ورسالته إنما يكون قائمًا على مطالعة شخصية الرسول وسلوكه بعد إعلانه النبوة والرسالة، وبناء على تحليل أو نقد للرسالة التي يقدمها. وعلى هذه الأسس يقوم المؤمنون بهؤلاء الرسل أو الأنبياء دائمًا بالاعتراف بنبوة ورسالة أنبيائهم. وصحيح أيضًا أن هذه التجربة الميتافيزيقية التي يطلق عليها الوحي لا يمر بها أحد آخر سوى النبي. ولكن لو أن هناك شهادات على مروره بهذه التجربة، ولو شهد من شاهدوا هذه التجربة بعيونهم، حينئذ يصبح الأمر واقعة تاريخية على المؤرخ واجب الاعتراف بها، ولو قام عدد من الأفراد أو جماعة من جماعته بتصديقه تصديقًا كاملاً، فإن هذه أيضًا تعد واقعة تاريخية تؤيدها التجربة الروحانية التي سبقت التأييد وعلى المؤرخ أيضًا أن يعترف بها.
وطبقًا لأصول البحث يمكن أن نرى شهادات المعاصرين فيما يتعلق بنزول الوحي الإلهي على محمد صلى الله عليه وسلم ونرى كم وصلت درجة اعترافهم بعظمة