أن يرضع لبن أية امرأة أخرى غير أمه، هذا بينما لم تكن علة التحريم في موسى أن يحفظ من رضاعة امرأة غير محترمة بل كان الهدف الأساسي -وهو ما ذكره القرآن الكريم- هو العودة إلى أحضان الأم مرة أخرى، فكيف يفهم بعضهم، وعلى أي أساس - أن إرضاعه من امرأة أخرى يقدح في عظمة كونه رسولاً؟!! وقد ارتبطت واقعة إرضاع حليمة السعدية للنبي صلى الله عليه وسلم ببعض المعجزات والكرامات، وبعض هذه الروايات ضعيف وغير مسند، ولكن هذا لا يعني بدوره رفض الواقعة كلها - وهو ما لا يتماشى مع الصدق التاريخي، ولا شك أن مسلك المؤرخين المسلمين المحدثين غير صحيح بالمرة.

وهكذا كذبت هذه الطبقة من المؤرخين المسلمين الروايات الخاصة برعاية أبي طالب للنبي صلى الله عليه وسلم، ويريدون أن ينال عمه الأكبر الزبير بن عبد المطلب شرف تربيته رسول الله، وقد أقاموا هذا القياس المجرد طبقًا للرواية القائلة بأن الزبير خلف والده، كما كان ثريًا أيضًا، ولهذا فهو الأليق بتربية ابن أخيه، ودليلهم على ذلك أيضًا هو أن أبا طالب لم يتمكن لضيق ذات يده أن يقوم بتربية ورعاية عقيل وعلي، ولهذا أودع الاثنين -على الترتيب- تحت رعاية العباس بن عبد المطلب والنبى صلى الله عليه وسلم.

وهذا استدلال سقيم من عدة وجوه. أولها أنه ليس من الضروري أن يكون الإنسان الثري بأقدر على الرعاية والتربية، فالمحبة والشفقة أكثر ضرورة للتربية والرعاية الصحيحة من المال والثروة وتلك هي التربية التي نالها النبى صلى الله عليه وسلم في بيت أبي طالب.

وحتى وفاة أبي طالب فقد كانت حياته كلها مرآة لشفقته التي لا حدود لها، ولحبه العظيم له. ثم إن أبا طالب حين كان يرعى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان في شبابه، كما لم يكن معدمًا أو فقيرًا كما يظهر، إذ إن واقعة رعي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015