روايات صحيحة فقط تتعلق بحياته في مراحلها الأول، وفي كسبه للعيش وسعيه وجهده في محاولاته لبناء شخصيته وتطويرها، وإعداد نفسه للمهمة العظمى التي تولاها فيما بعد.
ونرى الفكرة نفسها لدى أعظم المستشرقين في العهد الحديث " مونتجمري وات " الذي يعترف تمامًا بتاريخ ولادته عليه الصلاة والسلام وتاريخ وفاة والدته وتربية جده عبد المطلب ورعايته له، ووفاته، ويعترف بعد ذلك بإشراف عمه أبي طالب عليه وتربيته ورعايته له وبكل ما رافق ذلك من وقائع، إلا أنه من ناحية أخرى يقر بأن جميع الوقائع والحقائق الأخرى، ما هي إلا روايات تتعلق بالعقيدة وهي حكايات أسطورية.
وبصفة عامة يكذب المستشرقون رواية تربيته ورعايته في بيت حليمة السعدية في مضارب بني سعد بن بكر وهذا هو رأي بعض المؤرخين المسلمين المحدثين أيضًا، فهم يزعمون أن هذه الرواية لا وجود لها في التاريخ الإسلامي كله، ولا في عهد الجاهلية، والرواية المقبولة لدى هؤلاء أنه عليه الصلاة والسلام أرسل إلى مكان ما بالبادية ليتدرج في التربية تحت إشراف مرضعته، وهذه دعوى بلا شك غير صحيحة، فمثل هذه الوقائع العديدة نجد لها شواهد وعلامات في الحديث والسيرة وكتب أسماء الرجال. ويروي البخاري أنه بعد ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن أمه آمنة أرضعته أولا، وبعد ثلائة أيام أرضعته ثويبة أمة أبي لهب وطبقًا للرواية فإن حمزة أيضًا قد أرضع عن هذه الأمة لعدة أيام، وعليه فهو بالإِضافة إلى أنه كان عمه في النسب فهو أخوه في الرضاعة وقد ذكرت عدة روايات موثوق بها هذه الصلة. إلا أن المؤرخين المسلمين المحدثين أنكروا واقعة إرضاع ثويبة للنبي لمجرد أن هذا الأمر لا يليق بالنبوة، أو أنه قد يعدّ دليلاً لدى من يريدون الطعن في النبوة، ويعطون دليلاً فحواه أن الله تعالى -طبقًا لما جاء في القرآن الكريم- قد حرم على موسى عليه السلام