ويعارضون بني هاشم، بل جعلتم أعداء يناصبونهم العداء على الدوام، وهكذا قام بنو أمية -كما يدعى هؤلاء زورًا- بمعارضة الإسلام ونصبوا المؤامرات ضد الحكومة الإسلامية، وبعد أن نجحوا في خططهم تلك استولوا غصبًا على الحكم، وحين أصبحت السلطة في أيديهم أوقعوا الظلم والقهر ببني هاشم. كل هذه الاتهامات التي لو نزلت على جبل لحطمته، ملأ بها الرواة المغرضون والمؤرخون الذين لا يمتون للتأريخ بصلة روايات مصادرنا التاريخية.
إن أساس قضية المنافسة بين بني هاشم وبني أمية يجب أن ننظر إليها أصلاً في ضوء خلفية اختلافات الفتنة الكبرى، وهي الفتنة التي أدت إلى الأمر المفجع الذي أدى بدوره إلى شهادة ثالث الخلفاء الراشدين، فلم تكن هناك منافسة بصورة أساسية بين هاتين الأسرتين، لا في زمان الجاهلية، ولا في عهد الرسالة، ولا في زمان الخلافة الرشيدة بطوله. فكلتاهما ليستا فقط من أهم أعضاء بني عبد مناف بل بينهما صلة قرابة متينة لا تنفصم عراها أبدًا، وبينهما صلة من المحبة والانسجام لا تنقطع أوصالها بأي حال من الأحوال. فابن عبد المطلب بن هاشم أبو لهب، وابنتاه أم الحكم بيضاء وصفية، هؤلاء كانوا ينتسبون إلى أسرة بني أمية. كما أن صلة المصاهرة هذه ظلت قائمة في أسرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي أسرة عمه أبي طالب بن عبد المطلب أيضًا.
وهكذا كان بين عقيل بن أبي طالب الهاشمي، ورسول الله صلى الله عليه وسلم علاقة زواج مع الأمويين: السيدة زينب، والسيدة رقية والسيدة أم كلثوم، وبعدها قام رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه بالزواج من ابنة أبي سفيان السيدة أم حبيبة وظلت سلسلة المصاهرة والزواج مستمرة بين هاتين الأسرتين بل توطدت العلاقات أكثر فأكثر في زمان العهد الأموي. كما أنه لا يندر أن نجد أمثلة للزواج والمصاهرة في العهد العباسي.