العهد النبوي (571 - 632/ - 11 هـ)
على الرغم من أن كتابة السيرة تعد طبقًا للأصول الحديثة جزءًا من التاريخ إلا أنها لا تمثل بحد ذاتها تاريخًا، فالسيرة النبوية تستثنى من هذه الكلية؛ ذلك لأن السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي لازم وملزوم، ولا يمكن فصلهما عن بعضهما الآخر ... يمكن أن يكتب شىء عن الجزء الخاص بالفترة السابقة للبعثة في السيرة النبوية، إلا أنه من ناحية أخرى يعد جزءًا من التاريخ الإسلامي، ذلك لأن هذا الجزء من السيرة لا يمكن فصله عن شخصية الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، رغم أنه يتضمن السنوات الأربعين الأولى قبل بعثته صلى الله عليه وسلم تلك التي تتضمن خلفية هامة وضرورة للكتابة عن الإسلام، وتجب مطالعتها لفهم التاريخ الإسلامي. هذا بالإضافة إلى أن عددًا من الكتاب المغرضين قد حاولوا النيل من هذا الجزء من السيرة النبوية لتحقيق أهدافهم الذميمة، ومن هنا وجب الرد عليهم، حتى يمكن كشف وجوه الحق حول سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وحتى يمكن الوقوف على حقيقة الدوافع والمحركات الكامنة وراء هذه الهجمات التي تركت آثارها على التاريخ الإسلامي، فيتم تداركها بطريقة صحيحة.
الاسم والنسب:
تتفق جميع مصادر التاريخ الإسلامي تقريبًا أن مولده صلى الله عليه وسلم كان في عام الفيل، وأنه سُمي بمحمد وأحمد، وطبقًا لقول ابن إسحاق فإن آمنة تلقت الإلهام بتسميته بالاسمين بنداء من هاتف غيبي، ورغم أن المؤرخين لا يعترفون بهذه الرواية الغيبية. لأنها ليست رواية تاريخية ثابتة، إلا أن الجميع يعترف بأن هذين الاسمين قد أطلقا عليه في النهاية، وتشهد الأحاديث النبوية والمصادر التاريخية بصحة هذه الحقيقة شهادة كاملة. ولم يكن إنكار المستشرقين وبعض