و " فيليب حتّى " الذي سبق ذكره قدم ثلاثة أمثلة فقط يؤيد بها نظرية العامل الاقتصادي، بينما يمكن تقديم آلاف الأمثلة ضده من التاريخ الإسلامي.
والخطاب الذي نقله عن أبي بكر الصديق فيه في البداية حَضٌّ للمسلمين على الجهاد الإسلامي، ثم قرر أن أموال الغنيمة هي جائزة وإنعام، وهو ما تغافل عنه المؤرخ، وهكذا قدم بطريقة ساخرة ما جاء عن رستم القائد الإيرانى، ولم يقدم رد وجواب المبعوث المسلم الذي يتضح منه أن الجهاد هو الهدف المطلوب لا الغنيمة، فقد كان هدف الفتوحات في المقام الأول هو الجهاد الإِسلامي، وهو ما بدأ المستشرقون يعترفون به أيضًا، وعلى رأسهم جبرائيل، وكما قال فإن الدوافع والأهداف الأخرى كانت دوافع وأهدافًا ثانوية، فإذا كان عامل الإِسلام والدين هو منتهى هدف هذه الفتوحات، فإن هذه السرعة التي شهدها الفتح الإسلامي، وهذا التماسك وهذه الصلابة لا يمكن أبدًا أن تكون نتيجة لأسباب أخرى غير نشر الإِسلام لأسباب تتعلق بالفوائد الاقتصادية وما إلى ذلك، ولا أحد ينكر أهمية العوامل الأخرى بالإضافة إلى الإِسلام والجهاد، ولكن طبقًا لقول أحد المستشرقين، إن الجهاد في سبيل الله للحصول على الجنة في الآخرة هو الأساس، وليس الحصول على الأجر الدنيوي كان أصل الدوافع والأهداف التي نتجت عنها الفتوحات الإِسلامية.
لقد كان الهدف الأساسي للفتوحات الإِسلامية هو إعلاء كلمة الله، وبصورة أساسية فإن الدولة الإِسلامية كانت تهدف إلى تبليغ رسالة الله إلى غير المسلمين عن طريق الدعوة والإِرشاد، كما حدث في العهد النبوي في شبه الجزيرة العربية، ولو أن هناك فرقًا بين العصر المكي والعصر المدني في زمان النبى صلى الله عليه وسلم، فهو أنه في العصر المكي تم نشر الإسلام بأسلوب التبليغ، ولكن في العهد المدني حين سُدَّت الطرق وأغلقت أمامه، تم تحقيق