نفس الهدف في ظل الفتح والنصر، ولو سمحت الظروف لما اضطرت الدولة الإِسلامية لإشهار السيف في وجه أحد، ولكن حين قام الكفر بسل سيوفه ضد الإِسلام اضطر الإسلام أيضًا إلى رفع السيف، وهذه هي أصول الجهاد الإِسلامي التي لا تقبل تعديلاً أو نسخًا.
إن استخدام كل طريقة مشروعة في سبيل الحفاظ على الإسلام وإعلاء كلمة الله، واستخدام التبليغ والإِرشاد في حالات السلم، واستخدام القوة والشوكة والفتح والنصر على الجبهات لا يحتاج بالضرورة إلى تقديم أي اعتذار.
ولنقارن فتوحات فاتحي العالم مثل الإِسكندر وجنكيز وهني بال ونابليون وغيرهم بالفتوحات الإِسلامية. إن أهمية أهدافها ومقاصدها تقل بل تصغر أمام أهمية الفتوحات الإِسلامية، ولا شك أن فاتحي العالم هؤلاء قد سيطروا على العالم في معظمه، إلا أن سيطرتهم كانت مجرد سيطرة وتحكم في شعوب العالم المفتوحة، لا امتلاكًا للعالم، وهناك فرق بين السيطرة والامتلاك، لقد أصابوا قلوب الناس بسيوفهم، ثم لم يضمدوا جراحها، لكن الفاتحين المسلمين حرروا الإِنسانية من عبودية الإِنسان، ورفعوا عن كاهل الناس الثقل الاقتصادي، وأعطوا البشرية الحرية الدينية وأقاموا حكم القانون، وبعد الفتوحات أقاموا الأمن والنظام، وعملوا على بناء ورقي البلاد المفتوحة، كما أصلحوا جميع جوانب الحياة وطوروها، عملوا على رقي التجارة والزراعة والاقتصاد والمجتمع والثقافة والتمدن، وقد شهدت جميع جوانب الحياة في البلاد المفتوحة ازدهارًا ورخاء وقام المسلمون بإضاءة قناديل العلم والمعرفة، أعطوا ما عندهم لأهل البلاد المفتوحة، كما أخذوا ما عند هؤلاء من علم وفضل.
لقد أرست الفتوحات الإِسلامية أسسًا جديدة للثقافة والحضارة من أهمها:
الحاكمية الإِلهية، المحبة النبوية، العظمة الإِنسانية، وهذا هو السبب الذي جعل أهالي البلاد المفتوحة يرحبون دائمًا بالفاتحين المسلمين، لأنهم رأوا فيهم منقذي