يرى أكثر المؤلفين أنه في زمان حروب الردة تحولت الدولة الإِسلامية كلها إلى معسكر للجيش، لأنه كان من الضروري إخضاع الجزيرة العربية كلها من جديد لسيطرة المدينة المنورة، ولهذا استلزم الأمر إجراءً عسكريًا قويًا.
وعلى نطاق واسع حتى يمكن أن يجعل الجزيرة العربية كلها تابعة للحكم الإسلامي. وكان من اللازم توجيه المسلمين بل القوى العسكرية للقبائل العربية التي تفوقت بما لها من أسباب مختلفة إلى خارج الجزيرة العربية، وأصبح البحث عن سبيل أمرًا ضروريًا، وإلا عادوا إلى ما كانوا عليه قبل الإسلام من حروب داخلية، ولهذا فكر الخليفة الأول في أن تستفيد الأمة الإسلامية من هذه القوة العسكرية الفائضة، وبدلاً من أن تستخدم في أمور غير نافعة رأى توجيهها إلى حدود العراق ثم الشام وفتح جبهات قتالية هناك.
ويرى " فيليب حتى " ومن يوافقه في رأيه من المؤلفين أن الخليفة الأول لم تكن لديه في البداية أية خطة محددة مدروسة لفتح المناطق المجاورة، والخطة تتلخص في القيام -عن طريق مهمات بسيطة تتركز على النهب والسلب والاغارة- باستنفاذ القوة العسكرية للعرب من ناحية والحصول على أموال الغنائم من ناحية أخرى، وبعد فتح تلك المناطق ثم ضمها إلى الدولة الإسلامية، وهو ما لم يكن متصورًا لذاته من تلك المهام، ولكن حين انتشرت هذه الارساليات العسكرية بسرعة كبيرة، خرج زمام المحاربين من يده، وحين بدأت الفتوحات فجأة تم وضع خطة منظمة لها، وهو ما نتج عنه قيام الدولة العربية.
إن دوافع الفتوحات الإسلامية أو نظرية بدايتها تلك وعرضها بهذا الشكل إنما هو خليط من الصحة والخطأ، فصحيح تمامًا أن الدولة الإسلامية في البداية لم تضع خطة منظمة للفتوحات، كما أنها لم تكن ترغب في مَدِّ حكمها ونشر سلطانها على البلاد المجاورة، إلاّ أن تحليل أسباب بدايتها هو تحليل خاطىء.