مكة البلد الأمين:

ولد الرسول في مكة، وقضى شبابه في ربوعها، وتزوج سيدة نسائها، وكان فيها محبوبا أثيرا، كل أهلها يقدره ويجله، ويرون فيه جميعا أنموذجا للشباب الطموح، حيث كان يترفع عن التافه من الأمور، ويربأ بنفسه عن سفسافها.

وكانت مكة تتميز عن قرى الجزيرة كلها بقدسية لم تطمع فيها قرى تفوقها جمالا وخصوبة، وتمتاز بنسيمها العليل، وحدائقها الغناء.

إن قرى الجزيرة مهما تفوقت في الخصائص المادية لن تبلغ مبلغ مكة في منزلتها الروحية، فقد اختارها الله - تبارك وتعالى- لتكون محل بيته العتيق، وجعلها حرما آمنا، ليس للإنسان فقط ولكن الإنسان والحيوان والطيور والنبات، ففي رحابها يأمن الخائف، وفي كنفها يأنس المستوحش، وبين جنبيها يجد الحائر السكينة.

عرف العرب لأم القرى تلك المكانة فقدسوها، وأدركوا أنها لا يبغي فيها ظالم إلا قصمه الله فتجنبوا الظلم، عاش أهلها في ظل بيت الله آمنين في وقت كان الناس يتخطفون من حولهم وقد ذكرهم الله - عز وجل- بتلك النعمة فقال- جل من قائل-: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} 3.

ولما استحلت جرهم حرمة البيت، وأكلوا ما كان يهدى إليه، وظلموا فيه سلط الله عليهم خزاعة فقاتلوهم حتى أخرجوهم من مكة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015