منعهم من استراق السمع، وقد قرأ عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَجُونِ، وفي رواية بوادي نخلة قرب الطائف، قال ابن عباسٍ رضي الله عنهما: "إن النفر الذين أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جن نَصِيبِينَ (?)، أتوه وهو بِنَخلَةَ"، ومن هنا نقول: لن يحصل اجتماع الأمة المحمدية إلا على منهج الكتاب والسنة، فالله تعالى يقول: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} (?)، ولا خلاص للأمة من نكباتها والمخاطر المحيطة بها إلا بالوحدة على منهج الكتاب والسنة، اعتقادا بوحدة المعبود - عز وجل -، وعملا بوحدة المتبوع - صلى الله عليه وسلم -، ووحدة المنهج وذلك بالعمل بالكتاب والسنة، هذه الأسس الثلاثة لا تقوم وحدة الأمة المحمدية إلا عليها، ومن رام غير هذا فإنما يبحث عن سراب، ومن هنا وسمنا كتابنا هذا بـ "الهادي والمهتدي" فالهادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا نقصد هداية التوفيق فهذه خاصة برب العزة والجلال، يمنحها من يشاء من عباده، قال تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (?)، فالهداية المنفية عنه - صلى الله عليه وسلم - هي هداية التوفيق، والذي نقصده هداية الدلالة والإرشاد وقد أثبتها له ربنا جل وعلا، فقال: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (?)، ولا نشك في أن رحمة الله بهذه الأمة هي السمة البارزة في هذا الدين، فقد جاء الرحمة المهداة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، رسولا للعالمين ورحمة لهم، قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (?)، أثنى على ربه - عز وجل -، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «كلكم أثنى على ربه، وأنا مثن على ربي قال: الحمد لله الذي أرسلني رحمة للعالمين، وكافة للناس، بشيرا ونذيرا، وأنزل عليَّ الفرقان فيه تبيان كل شيء، وجعل أمتي خير أمة أخرجت للناس، وجعل أمتي وسطا، وجعل أمتي هم الأولون وهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015