ثم دخلت سنة تسع وستين وخمسمائة وكان صلاح الدين وأهله خائفين من نور الدين فاتفق رأيهم على تحصيل مملكة غير مصر بحيث إن قصدهم نور الدين قاتلوه فإن هزمهم التجأوا إلى تلك المملكة فجهز صلاح الدين أخاه توران شاه إلى النوبة فلم تعجبهم بلادها ثم سيره في هذه السنة بعسكر إلى اليمن وكان صاحب اليمن حينئذ إنساناً يسمى عبد النبي المقدم الذكر في سنة أربع وخمسين وخمسمائة فتجهز تورانشاه ووصل إلى اليمن وجرى بينه وبين عبد النبي قتال فانتصر فيه توران شاه وهزم عبد النبي وهجم زبيد وملكها وأسر عبد النبي ثم قصد عدن وكان صاحبها اسمه ياسر فخرج لقتال توران شاه فهزمه توران شاه فهجم عدن وملكها وأسر ياسر أيضاً واستولى توران شاه على بلاد اليمن واستقرت في ملك صلاح الدين واستولى على أموال عظيمة لعبد النبي وكذلك من عدن.
في هذه السنة في رمضان صلب صلاح الدين جماعة من أعيان المصريين فإنهم قصدوا الوثوب عليه وإعادة الدولة العلوية فعلم بهم وصلبهم عن آخرهم. فمنهم عبد الصمد الكاتب. والقاضي العويرس. وداعي الدعاة وعمارة بن علي اليمني الشاعر الفقيه. وله أشعار حسنة فمنها ما يتعلق بأحوال العلويين وانقراض دولتهم قوله قصيدة منها:
رميت يا دهر كف المجد بالشلل ... وجيده بعد حسن الحلي بالعطل
جدعت مارنك إلا قفى فأنفك لا ... ينفك مأبون أهل الشين والخجل
مررت بالقصر والأركان خالية ... من الوفود وكانت قبلة القبل