وقوله: {لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ} يراد به: النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قال: (لا إله إلا الله) كادوا يكونون عليه جماعة متكافئة بعضهم فوق بعض ليزيلوه بذلك عن دعوته بإخلاص الإلهية.
وقال ابن عباس: كاد الجن يركبونه حرصاً على سماع القرآن فيه، وهو قول الضحاك، ويروى عن الحسن وقتادة أنهما قالا: تلبدت الإنس والجن على هذا الأمر ليطفئوه، فيأبي الله إلا أن يظهر على ما ناوأه، كما قال تعالى: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ} [الصف: 8] .
{ومن سورة المزمل}
* * *
المزمل: المتلفف في ثيابه، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أنزل عليه الوحي أخذته شدة وكرب، فيقول: زملوني زملوني، وكذلك {الْمُدَّثِّرُ} [المدثر: 1] ؛ لأنه كان يقول مرة: دثروني دثروني.
قال الفراء: {الْمُزَّمِّلُ} : الذي تزمل في ثيابه وتهيأ للصلاة في هذا الموضع، وهو النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصل المزمل: المتزمل، فأبدلت من التاء زاياً وأسكنت وأدغمت في التي بعدها، وقيل: المزمل، ويقال الرجل في ثيابه أي: تلفف، قال امرؤ القيس:
كأن أبانا في أفانين ودقه كبير أناسٍ في بجاد مزمل
ويسأل عن نصب قوله: {نِصْفَهُ} ؟
والجاب: أنه بدل من الليل، وهو بدل بعض من كل، كأنه في التقدير: قم نصف الليل إلا قليلاً، وهو بمنزلة قولك: قطعت اللص يده، وأكلت الرغيف ثلثيه.