شيء قد عرف، كما قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1] يعني: القرآن، ولم يجر له ذكر، وقال: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [الرحمن: 26] يعني: الأرض، ولم يجر لها ذكر.
هذا قول جميع النحويين.
قال الزجاج: وما أراهم اعملوا الفكر في هذا؛ لأن في الكلام ما يقوم مقام ذكر الشمس، وهو قوله: {إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ} [ص: 31] فالعشي يدل على معنى الشمس.
* * *
قرأ حمزة وعاصم برفع الأول ونصب الثاني، وقرأ الباقون بنصبهما جميعاً، وهي قراءة الحسن، والأولى قراءة الأعمش وابن عباس ومجاهد.
فمن رفع الأول جعله خبر مبتدأ محذوف، كأنه قال: أنا الحق، أي: ذو الحق والحق أقول.
قال الفراء: هو مبتدأ والخبر محذوف، كأنه قال: فالحق مني: وذكر أن مجاهداً قرأ {قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ} . والأول معنى قول ابن عباس قال الفراء: وقد يكون رفعه على تأويل: الحق لأقومن، كما تقول: عزمة صادقة لآتينك؛ لأن فيه تأويل: عزمة صادقة أن آتيك، قال: ومثله: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ} [يوسف: 35] .
ومن نصب فعلى تقدير: فالحق لأملان، فينصب على المصدر، وإن كان فيه الألف واللام؛ لأنه يؤدي عن قولك: حقاً لأملان، ويكون قوله: {وَالْحَقَّ أَقُولُ} اعتراضاً بين الكلامين. ونصب {وَالْحَقَّ} الثاني بـ {أَقُولُ} ، ويجوز رفعه على الابتداء، {أَقُولُ} الخبر، و (الهاء) محذوفة؛ كأنه قال: والحق أقوله، كما قال امرؤ القيس: