وقد قيل في معنى القراءة الأولى: إن هذا نزل في (نمرود بن كوش بن كنعنان) حين اتخذ التابوت وأخذ أربعة من النسور فأجاعها أياماً وعلق فوقها لحما وربط التابوت إليها فطارت النسور بالتابوت، وهو ووزيره فيه إلى أن بلغت حيث شاء الله تعالى، فظن أنه بلغ السماء، ففتح باب التابوت من أعلاه فرأى بعد السماء منه فهاله الأمر، فصوب النسور وسقط التابوت، وكانت له8 وجبة فظنت الجبال أنه أمر نزل من السماء فزالت عن مواضعها لهول ذلك.
فالمعنى على هذا: وإنه كان مكرهم لتزول منه الجبال، أي: قد زالت: وفي التأويل الأول: همت بالزوال، ويروى أن عمر وعلياً - رضي الله عنهما - قرءا: {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} ، فهذا يدل على التأويل الأول ويدل عليه أيضاً قوله: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا} [مريم: 90] ، أي: إعظاماً لما جاؤوا به.
{ومن سورة الحجر}
* * *
جر {قُرْآنٍ} ؛ لأنه معطوف على {الْكِتَابِ} تقديره: تلك آيات الكتاب وآيات قرآن مبين.
وأجاز الفراء الرفع على تقدير: وهو قرآن مبين، أو يكون معطوفاً على آيات، وأجاز النصب على المدح وأنشد:
إلى الملك القرم وابن الهمام وليث الكتيبة في المزدحم
وذا الرأي حين تغم الأمور بذات الصليل وذات اللجم
وزعم أن المدح تنصب نكرته ومعرفته، أما قوله (معرفته) فصحيح) ، وأما (نكرته) فإن أصحابنا لا يجيزون ذلك، لأنه لا يمدح الشيء الذي لا يعرف، وإنما يمدح ما يعرف، والنكرة مجهولة فلذلك امتنع.