النوع الثاني من القسمِ الثاني: شعارٌ غيرُ فرضٍ كالأذانِ، تفريعاً على الأصحِّ أنَّه سُنةٌ، فيجوزُ أخذُ الأجرةِ عليهِ؛ لأنَّهُ عملٌ معلومٌ يجوزُ أخذُ الرزقِ من بيتِ المالِ عليهِ، ومنفعةٌ تحصلُ للناسِ في طَلبِ وقتِ الصلاةِ، فيجوزُ أَخذُ الأجرةِ عليهِ ككَتَبةِ المصاحفِ.

وأمّا تعليمُ القرآنِ فمترددٌ بينَ الجهادِ - لأنَّهُ منْ فروضِ الكفاياتِ - وبينَ الأذانِ؛ لأنَّ فائدَتهُ تختصُّ بالآحادِ، وأيضاً فهوَ منْ بابِ تجهيزِ الميتِ؛ لأنَّ وجوبَ تعليمِ كلِّ أحدٍ يكونُ أولاً على وليّهِ / 231أ / مثلاً، فإذا فُقِدَ انتقلَ إلى الكافةِ، هذا كلُّهُ إذا لم يتعينْ واحدٌ لمباشرةِ مثلِ هذا العملِ.

قالَ الشيخُ محيي الدين في " الروضةِ ": ((فإنْ تعيّنَ واحدٌ لتجهيزِ الميتِ، أو لتعليمِ الفاتحةِ، جازَ استئجارُهُ أيضاً على الأصحِّ، كالمضطرِّ (?) يجبُ إطعامُهُ ببدلهِ، وقيلَ: لا كفرضِ العينِ ابتداءً)) (?).

وقالَ في " الوسيطِ ": ((أمّا الاستئجارُ على تعليمِ مسألةٍ معينةٍ في شخصٍ معينٍ فلا خلافَ في جوازهِ إلا إذا تعيّنَ، كامرأةٍ أَسلمَتْ ولَزمَها تعلّمُ الفاتحةِ فَنكحَها رجلٌ على التعليمِ، ولم يحضرْ سوى ذَلِكَ الرجلُ ففيهِ خلافٌ، والأصحُّ: الصحةُ، إذ ليسَ يتعيّنُ عليهِ التعبُ مجاناً بل يجبُ ببذلٍ، كما في بذلِ المالِ في ضرورةِ المخمصةِ، قالَ: وبالجملةِ فكلُّ عملٍ معلومٍ مباحٍ يلحقُ العاملَ فيهِ كلفةٌ ويتطوعُ بهِ الغيرُ عن الغيرِ يجوزُ الاستئجارُ عليهِ، ويجوزُ جعلهُ صداقاً)) (?).

وقالَ في " البسيطِ ": ((أَسلَمتِ امرأةٌ وتعيّنَ عليها تعلّمُ الفاتحةِ ولا معلمَ بالحضرةِ إلاّ رجلٌ، فأَصدقَها تعليم الفاتحةِ فهوَ صحيحٌ، وحقّقَ بعضُ الأصحابِ (?)،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015