((الحافظُ المجاورُ بمكةَ: ثقةٌ ولكنّهُ (?) كانَ يطلبُ على التحديثِ ويعتذرُ بأنهُ محتاجٌ، قالَ الدارقطنيُّ: ثقةٌ مأمونٌ، ثم حَكَى عنْ عبدِ الملكِ بنِ أيمنَ أنهُ سألَ: هل كنتُم تعيبونَ هذا؟ - يعني: أخذَهُ الأجرةَ --قال: لا، إنما العيبُ عندهمُ الكذبُ، وهذا كانَ ثقةً، قالَ: وكانَ أهلُ خراسانَ إذا تناومَ رشّوا في وجههِ الماءَ)) (?).

قولهُ: (بأخذ الأجرةِ على تعليم القرآنِ ونحوهِ) (?)، أي: أنَّ آخذَ الأجرةِ على التحديثِ منْ هذا الوادي، فإنَّهُم لما ذَكروا أنّ منْ شروطِ الإجارةِ حصولَ المنفعةِ للمستأجرِ ذَكروا القربَ / 230ب / وذَكروا أنَّ إمامَ الحرمينِ ضَبطَها بأنها قسمانِ:

أحدُهما: تتوقفُ صحتُهُ على النيةِ فتجوزُ الإجارةُ على ما يُستنابُ فيهِ كالحجِّ وتفرقةِ الزكاةِ دونَ غيرهِ.

والثاني: لا يتوقفُ، وهذا الثاني: نوعانِ: فرضُ كفايةٍ، وشعارٌ غيرُ فرضٍ. والأولُ منَ الثاني ضربانِ:

أحدُهما: يختصُ افتراضهُ بشخصٍ وموضع معينٍ، ثمَّ يُؤمرُ بهِ غيرُهُ إنْ عجزَ، كتجهيزِ الميتِ، فإنَّهُ يلزمُ منَ التركةِ، فإنْ لم يكنْ فعَلَى الناسِ، فمثلُ هذا لا (?) يجوزُ الاستئجارُ عليهِ؛ لأنَّ الأجيرَ غيرُ مقصودٍ بفعلهِ حتى يقعَ عليهِ.

الضربُ الثاني: ما ثبتَ فرضُهُ في الأصلِ شائعاً غيرَ مختصٍّ كالجهادِ، فلا يجوزُ استئجارُ المسلمِ عليهِ؛ لأنَّهُ مأمورٌ بهِ فيقعُ عنهُ، ويجوزُ استئجارُ الذميِّ عليهِ؛ لأنَّهُ لا يقعُ عنهُ (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015