وقالَ: لا يصحُّ؛ لأنَّهُ وَجبَ عليهِ التعليمُ وتعيّنَ بحكمِ الحالِ وهذا فاسدٌ؛ فإنَّهُ يجبُ عليهِ التعليمُ بعوضٍ لا مجاناً، فهوَ كما لو وجدَ مالكُ الطعامِ مضطراً في مخمصةٍ يجبُ عليهِ تسليمُ الطعامِ إليه، ولكنْ / 231ب / بعوضٍ، حتى لو باعَ صحَّ. وهذا النظرُ يجري في الإجارةِ كما يجري في الصداقِ)). انتهى.

فعُلِمَ من هذا أنّ التحديثَ شبيهٌ بتعليمِ القرآنِ؛ لأنَّهُ منْ نشرِ العلمِ وهو فرضُ كفايةٍ، وتارةً يشاركهُ في ما يحدثُ بهِ غيرُهُ، كمنْ سمعَ معهُ فلا يتعيّنُ عليهِ، وتارةً لا يوجدُ ذلكَ إلا عندَهُ فيتعيّنُ، ويجوزُ أَخذُ الأجرِ عليهِ على كلِ حالٍ؛ لأنَّهُ داخلٌ في الضابطِ الماضي ونقلَ الحافظُ عمادُ الدينِ إسماعيلُ بنُ كثيرٍ الدمشقيُّ الشافعيُّ في تاريخِهِ في سنةِ سبعينَ وأربعمئةٍ أنَّ الشيخَ أبَا إسحاقَ الشيرازيَّ أفتى أبا الحسينِ أحمدَ بنَ محمدِ بنِ النَّقُور بجوازِ أخذِها؛ لاشتغالِهِ بالإسماعِ عنِ التكسبِ (?).

وقولهُ: (ونحوهُ) (?)، أي: مثل التدريسِ والأذانِ وتجهيزِ الموتى. هذا بيانُ إلحاقِ التحديثِ بما يجوزُ أخذُ الأجرةِ عليهِ، وأمّا بيانُ كونهِ مفارقاً لهُ منْ جهةِ أنَّهُ يخرمُ المروءةَ دونَ ما أُلحقَ بهِ، فلأنَّ ما أُلحقَ بهِ جَرتِ العادةُ فيهِ (?) بأخذ العوضِ عليهِ وشاعَ، بحيثُ أنَّهُ صارَ لا يعدُ خارماً للمروءةِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015