تأكل من هذا الطعام؛ فإنّه مسموم" نهى له عن كل طعام كذلك، وإذ قال: "لا تشرب هذا الشراب فإنّه مسكر"، نهى له عن كل مسكر، و"لا تتزوّج هذه المرأة؛ فإنها فاجرة" وأمثال ذلك.

الخطأ الثاني: تقصيرهم في فهم النصوص، فكم من حكم دلّ عليه النّص ولم يفهموا دلالته عليه وسبب هذا الخطأ حصرهم الدلالة في مجرّد ظاهر اللفظ، دون إيمائه وتنبيهه وإشارته وعرفه عند المخاطبين، فلم يفهموا من قوله: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} ضربًا ولا سبًّا ولا إهانة غير لفظة أف، فقصروا في فهم الكتاب كما قصروا في اعتبار الميزان.

الخطأ الثالث: تحميل الاستصحاب فوق ما يستحقه، وجزمهم بموجبه؛ لعدم علمهم بالناقل، وليس عدم العلم علمًا بالعدم.

الخطأ الرابع لهم: اعتقادهم أن عقود المسلمين وشروطهم ومعاملاتهم كلها على البطلان حتى يقوم دليل على الصحّة، فإذا لم يقم عندهم دليل على صحّة شرط أو عقدٍ أو معاملة استصحبوا بطلانه، فأفسدوا بذلك كثيرًا من معاملات الناس وعقودهم وشروطهم بلا برهان من الله بناء على هذا الأصل، وجمهور الفقهاء على خلافه، وأنَّ الأصل في العقود والشروط الصحة إلَّا ما أبطله الشارع أو نهى عنه، وهذا القول هو الصحيح، فإن الحكم ببطلانها حكم بالتحريم والتأثيم ومعلوم أنَّه لا حرام إلَّا ما حرّمه الله ورسوله، ولا تأثيم إلَّا ما أثم الله ورسوله به فاعله، كما أنَّه لا واجب إلَّا ما أوجبه الله، ولا حرام إلَّا ما حرّمه الله، ولا دين إلَّا ما شرعه، فالأصل في العبادات البطلان حتى يقوم دليل على الأمر، والأصل في العقود والمعاملات الصحة حتى يقوم دليل على البطلان والتحريم وبين أخطاء أصحاب الرأي والقياس فقال: "وأمَّا أصحاب الرأي والقياس: فإنهم لما لم يعتنوا بالنصوص ولم يعتقدوها وافية بالأحكام ولا شاملة لها؛ وغلاتهم على أنها لم تف بعشر معشارها فوسعوا طرق الرأي والقياس، وقالوا بقياس الشبه، وعلقوا الأحكام بأوصاف لا يعلم أنّ الشارع علّقها بها، واستنبطوا عللًا لا يعلم أن الشارع شرع الأحكام لأجلها، ثم اضطرهم ذلك إلى أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015