النصوص والآثار، طريق أهل البدع؛ ولهذا كان كل قول ابتدعه هؤلاء قولًا فاسدًا، وإنما الصواب من أقوالهم ما وافقوا فيه السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان" (?).

ثمَّ إن ابن القيم -رحمه الله- بيّن في "أعلام الموقعين" أخطاء أهل الظاهر:

فيقول: "فنفاة القياس لما سدُّوا على نفوسهم باب التمثيل والتعليل واعتبار الحكم والمصالح -وهو من الميزان والقسط الّذي أنزله الله- احتاجوا إلى توسعة الظاهر والاستصحاب، فحملوها فوق الحاجة ووسّعوهما أكثر ممّا يسعانه، فحيث فهموا من النص حكمًا أثبتوه ولم يبالوا بما وراءه، وحيث لم يفهموا منه نفوه، وحملوا الاستصحاب، وأحسنوا في اعتنائهم بالنصوص ونصرها، والمحافظة عليها، وعدم تقديم غيرها عليها من رأي أو قياس، أو تقليد، وأحسنوا في رد الأقيسة الباطلة، وبيانهم تناقض أهلها في نفس القياس وتركهم له، وأخذهم بقياس وتركهم ما هو أولى منه، ولكن أخطأوا من أربعة أوجه:

أحدهما: رد القياس الصحيح، ولا سيّما المنصوص على علّته التي يجري النص عليها مجرى التنصيص على التعميم باللفظ، ولا يتوقف عاقل في أنّ قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لما لعن عبد الله حمارًا على كثرة شربه للخمر: "لا تلعنه؛ فإنّه يحب الله ورسوله" بمنزلة قوله: "لا تلعنوا كل من يحب الله ورسوله"، وفي أن قوله: "إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر؛ فإنَّها رجس" بمنزلة قوله: "ينهيانكم عن كل رجس"، وفي أن قوله -تعالى-: {إلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} نهى عن كل رجس، وفي أنّ قوله في الهر: "ليست بنجس؛ إنّها من الطوّافين عليكم والطوافات" بمنزلة قوله: "كل ما هو من الطوّافين عليكم والطوافات؛ فإنَه ليس بنجس، ولا يستريب أحد في أنّ من قال لغيره: "لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015