قال الفقير إلى عفو ربه: وعند قولِ ابن القيم: "أَحدهما: أَن يكون المحذورُ محرَّما لعينه؛ كالدّم، والبول، والخمر، والمَيتَة" يندرج تحتها كلامُ الشافعي -رحمه الله-، وليس من هذا استعمالُ الماء الطاهر في الطهارة.
25 - قال الْمُصَنف (?):
"قال الشافعي -رحمه الله-: "وفرقٌ بين ورود النّجاسة على الماءِ، وورود الماءِ على النّجاسة".
قال الفقير إلى عفو ربه: قَالَ الصَّنعانِي -رحمه الله-: "فَدَفَعَتهُ الشافعيةُ بالفرق بين ورود الماء على النّجاسة، وورودِها عليه، فقالوا: إذا وردت على الماء نجّسَتْه -كما في حديث الاستيقاظ-، وإذا ورد عليها الماء لم تضرَّه -كما في خبر بول الأَعرابي-.
وفيه بحثٌ حققناه في حواشي "شرح العمدة"، وحواشي "ضَوْء النّهار"، وحاصلُه: أَنهم حكَموا أنَّه إذا وردتِ النجاسة على الماء القليل؛ نجَّسَته، وإذا ورد عليها الماء القليل لم ينجُسْ، فجعلوا علَّة عدم تنجِيس الماءِ: الورودَ على النّجاسة، وليس كذلك؛ بلِ التَّحقيقُ: أنّه حين يرد الماءُ على النّجاسة؛ يرِدُ عليها شيئًا فشيئًا؛ حتى يفنى عينها، وتذهبَ قبل فنائه؛ فلا يأْتي آخِرُ جزءٍ من الماء الوارد على النّجاسة؛ إلا وقد طَهُر المحلّ الذي اتَّصلت به، أو بقي فيه جزءٌ منها يفنى ويتلاشى عند ملاقاة آخر جزءٍ منها يَرِدُ عليها من الماء؛ كما تَفْنَى النّجاسة وتتلاشى إذا وردت على الماء الكثير بالإجماع.
فلا فرق بين هذا وبين الماء الكثير في إفناء الكُل للنّجاسة؛ فإن الجزء الأَخير من الوارد على النّجاسة يُحِيلُ عينَها لكثرته؛ بالنسبة إلى ما بقي من النّجاسة، فالعلّة في عدم تنجِيسه بوروده عليها؛ هي كثرتُه بالنّسبة إليها لا الورودُ؛ فإنّه لا يُعقل التفرقة بين الورودين: بأَنَ أَحدَهما يُنَجّسُه دونَ الآخر" (?).