الحياء على إيثار الرحمن على الشيطان، ولم يَستَحي من النّاس؛ فيردعه حياؤه عن التحدّث لعباد الله بأنّه قد اشتغل عن ربه بَطاعته للشيطان! وفي مثل هذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا لم تَسْتَحيِ فاصنع ما شئت".

والحاصل: أن هذه المحنة قد عمّت وطمَّت؛ عند كل فرد من أفراد العباد منها جزء من الأجزاء وإن قل! والكل من طاعة الشيطان ومخالفة الرحمن، والنّاجي من ذلك هو الكبريت الأحمر وعَنْقاءُ مُغرِبة، والغراب الأبقع.

ومن أنكر هذا فليُجَرِّب نفسه، ويعمل بمثل هذا النّص الثابت عنه - صلى الله عليه وسلم - في مسح الأذى الذي يعلق بالنّعل في الأرض ثمَّ يصلي فيه، وينظر عند ذلك كيف يجد نفسه؟! مع أن ذلك هو المهيَعُ الذِي لا يُرجحُ المجتهد سواه، إن أنصف من نفسه فليُصَدق فعلُه قولَه، وإن كان مقلدًا فله بالأئمة الأسلاف قدوة، وهم الأقل من القائلين بذلك، وهيهات ذاك؛ فإنّ الشكوك والخيالاتِ قد جعلها الشيطان ذريعة يقتنص بها من لم يقع في شباكه المنصوبة للمتهتكين من العصاة المستهترين بمحبتها؛ لأنه وجد قومًا لا تطمح أنفسهم إلى شرب الخمور وارتكاب الفجور، فحفر لهم حفيرة جمع لهم فيها بين خزي الدنيا والآخرة؛ فهم أشقى أتباعه.

اللَّهمّ أَعِذنا من نزعات الشَّيطان، وأَجرنا من خِزي الدنيا وعذاب الآخرة".

قال الفقير إلى عفو ربه: ومحصّل كلامه -رحمه الله- أَن للوسواس سبَبين:

أَحدُهما: ضعف العلم.

ثانِيهما: ضعف العقل.

23 - قال الْمُصَنِّف (?):

"والاستحالة مطهّرة؛ أَي: إذا استحال الشيء إلى شيء آخر، حتى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015