وأَما المُوَسوِسُ؛ فلا يصحُّ أَنْ يوصفَ بالكفر، وإن تركَ الصلاةَ حتى خرجَ وقتُها؛ لأَجل التأويل والشُّبهة.
22 - قال الْمصَنِّف (?):
"وأمَّا باعتبار ما لَه عند الخلق؛ فأَقلُّ الأَحوال أَنْ يقالَ: مجنونٌ يلعب به الشيطان؛ في مخالفة شريعة الرحمَن فـ {خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}، ومع هذا؛ فهو يعذب نفسه بأشد العذاب، وكثيرًا ما يُفضي به ذلك إلى علة كبيرة تكون سببًا لهلاكه، فيلقى ربه قاتلًا لنفسه في معصية، فلا يَراحُ رائحة الجنة، كما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - فيمن قتل نفسه، وهذه المحنة يقع فيها العالم والجاهل.
فمن كان جاهلًا؛ اعتذر لنفسه بأعذار شيطانية قد استزله الشيطان بها؛ فمنهم من يقول: لم أتيقن كمال الثلاث الغسلات في كل عضو! وهو قد غسل ذلك العضو مئات!!
ومنهم من يقول: أريد أن اغسل غسلًا مشروعًا، لا تبقى شعرة ولا بشرة إلَّا وقد شملها الغسل والدّلك! فتراه يقلّب يديه ورجليه ويدلُكُ كل موضع منه في مقدار الجُثَة دلكًا فظيعًا، فيشرع بالأنملة، ثمَّ يدلك جزءًا بعد جزء، حتى يفرغ من الأصبع، ثمَّ يأخذ في الأخرى، ثمَّ كذلك؛ فلا يفرغ من غسل يده؛ إلَّا بعد مدّة طويلة، ثمَّ يلعب به الشيطان، فيشككه فيما قد غسله أنَّه لم يغسله، فيعود إليه، ثمَّ كذلك، فلا يكمل الثلاث الغسلات في زعمه؛ إلَّا بعد أن يبلغ بنفسه إلى حدّ يرحمه من رآه.
ومن كان عالِمًا؛ يعترف بأن هذا الفعل مخالف للشريعة، وأنه وسوسة شيطانية، وهو أقبح الرجلين؛ فإنّه ممن أضلَّه الله على علم، ونادى على نفسه بأنّه منقاد لطاعة شيطانه في مخالفة خالقه، مستغرق بعباده عدو الله إبليس، لم يبق فيه بقية تزجره عن معصيته، فلم يَسْتَحيِ من الله؛ فيحمله