مذهب الجمهور؛ كما ذكره هو نفسه، وقد اختاره كثير من العلماء المحققين: مثل شيخ الإسلام ابن تيمية (?)، والشوكاني (?)، وصديق حسن خان (?) وغيره، فهو الحق الذي لا يصح سواه، ولا يعارضه حديث ابن عباس؛ لأمور ذكرها الشوكاني.
ولعلّ الأقوى أن يقال: إن حديث ابن عباس ورد فيمن صام على رؤية بلده ثم بلغه في أثناء رمضان أنهم رأوا الهلال في بلد آخر قبله بيوم، ففي هذه الحالة يستمر في الصيام مع أهل بلده حتّى يكملوا ثلاثين أو يروا هلالهم، وبذلك يزول الإشكال، ويبقى حديث أبي هريرة، وغيره على عمومه، يشمل كل من بلغه رؤية الهلال من أي بلد أو أقليم من غير تحديد مسافة أصلًا، كما قال ابن تيمية (?)، وهذا أمر متيسر اليوم للغاية -كما هو معلوم-، ولكنه يتطلّب شيئًا من اهتمام الدول الإسلامية حتى تجعله حقيقة واقعيّة -إن شاء الله تبارك وتعالى-" (?).
قال الفقير إلى عفو ربّه: ومع تقديري التام لهذين العالمين الجليلين وللمصنّف -رحمهم الله-؛ فإن فهم الأولين مع انتفاء الخلاف بينهم أحب إلينا في هذه المسألة وغيرها.
قال ابن عبد البر: "ثم إن النظر يدل عليه عندي؛ لأن الناس لا يكلّفون علم ما غاب عنهم في غير بلدهم، ولو كلّفوا ذلك لضاق عليهم، أرأيت لو رُؤي بمكة، أو بخراسان هلال رمضان أعوامًا، بغير ما كان بالأندلس، ثم ثبت ذلك بزمان عند أهل الأندلس أو عند بعضهم، أو عند رجل واحد منهم، أكان يجب عليهم قضاء ذلك اليوم وقد صام برؤية وأفطر برؤية؟ أو بكمال ثلاثين يومًا كما أمر؟ ومن عمل بما يجب عليه مما أمر به