هو الّذي أخبرهم بالرؤية المتقدمة وحده، وقد أمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يفطروا بشهادة اثنين؛ لائهم لو علموا بخبره لأفطروا، وليس فيه تعرض لقضاء ذلك اليوم.
وشهادة الواحد إنما تقبل في الهلال إذا اقتضت الصوم أداء أو قضاء، فأما إذا اقتضت الفطر فلا.
ويجوز أن يكون ذلك؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهم أن يصوموا لرؤيته ويفطروا لرؤيته، ولا يفطروا حتى يروه أو يكملوا العدّة، كما قد رواه ابن عباس وغيره مفسرًا.
فاعتقد ابن عباس أن أهل كل بلد يصومون حتى يروه أو يكملوا العدّة، وقد تقدم عنه - صلى الله عليه وسلم - ما يبين أنه قصد رؤية بعض الأمّة في الجملة؛ لأنّ الخطاب لهم، وهذا عمل برؤية قوم في غير مصرهم". "شرح العمدة- الصيام" (?).
وإلى ما قرّره شيخُ الإسلام ذهب محدث العصر الشيخ ناصر الألباني -رحمه الله- فقال -معلقًا على قول صاحب "فقه السُّنة": "الثالث لزوم أهل بلد الرؤية وما يتصل بها من الجهات التي على سمتها.
واختار المؤلف هذا المذهب الأخير معققا عليه بقوله: "هذا هو المشاهد ويتفق مع الواقع".
قلت: وهذا كلام عجيب غريب؛ لأنه إن صحّ أنه مشاهد موافق للواقع، فليس فيه أنه موافق للشرع أولًا، ولأن الجهات -كالمطالع- أمور نسبية ليس لها حدود مادية يمكن للناس أن يتبينوها ويقفوا عندها.
ثانيًا: وأنا -والله- لا أدري ما الذي حمل المؤلف على اختيار هذا الرأي الشاذ، وأن يُعْرض عن الأخذ بعموم الحديث الصّحيح، وبخاصّة أنه