هذا البيان؟! والتوقيت في الأيام والشهور بالحساب للمنازل القمرية بدعة باتفاق الأمّة".
قال الفقير إلى عفو ربه: قال شيخ الإسلام: "ولا ريب أنه ثبت بالسُّنة الصحيحة واتفاق الصَّحابة؛ أنه لا يجوز الاعتماد على حساب النجوم، كما ثبت عنه في "الصَّحيحين" أنه قال: "إنا أُمّة أُمِّية لا نكتب ولا نحسب، صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته".
والمعتمد على الحساب في الهلال؛ كما أنه ضالٌ في الشريعة، مبتدع في الدّين، فهو مخطئ في العقل، وعلم الحساب؛ فإن العلماء بالهيئة يعرفون أن الرؤية لا تنضبط بأمر حسابي، وإنما غاية الحساب منهم: إذا عدل أن يعرف كم بين الهلال والشمس من درجة وقت الغروب مثلًا، لكن الرؤية ليست مضبوطة بدرجات محدوده؛ فإنها تختلف باختلاف حدَّةِ النظر وكلاله، وارتفاع المكان الذي يتراءى فيه الهلال، وانخفاضه، وباختلاف صفاء الجو وكدره، وقد يراه بعض الناس لثمان درجات، وآخر لا يراه لثنتي عشر درجة، ولهذا تنازع أهل الحساب، في قوس الرؤية تنازعًا مضطربًا.
وأئمّتهم -كبطليموس- لم يتكلموا في ذلك بحرف؛ لأن ذلك لا يقوم عليه دليل حسابي.
وإنما يتكلم فيه بعض متأخريهم -مثل كوشيار الديلمي، وأمثاله؛ لَمَّا رأوا الشريعة علقت الأحكام بالهلال، فرأوا الحساب طريقًا تنضبط فيه الرؤية.
وليست طريقة مستقيمة، ولا معتدلة؛ بل خطؤها كثير، وقد جزب، وهم يختلفون كثيرًا: هل يرى؟ أم لا يرى؟ وسبب ذلك: أنهم ضبطوا بالحساب ما لا يعلم بالحساب، فأخطأوا طريق الصَّواب، وقد بسطت الكلام على ذلك في غير هذا الموضع، وبينت أن ما جاء به الشرع الصَّحيح؛ هو الذي يوافقه العقل الصَّريح" (?).