ص (31):
قول العوني في توجيه كلام السمعاني في اشتراط طول الصحبة: "من كان مختصا بشيخٍ ملازما له حُملت عنعنته عنه على الاتصال، ولو كان من مشاهير المدلسين، كما هو مقرر فى هذا العلم". اهـ.
أقول:
هذا الكلام فيه نظر من جهة أنه أطلقه، والصواب أن يكون ذلك أغلبِيًّا.
وشاهدُ ذلك مواضعُ عنعن فيها مشهور بالتدليس، عن شيخ قد أكثر عنه جدا؛ كرواية الأعمش عن إبراهيم بن يزيد النخعي.
راجع ترجمة الأعمش من القسم الأول من هذا الكتاب.
ص (34).
أما عدم تصريح البخاري بالشرط المنسوب إليه، فشأنه في ذلك شأن عامة المتقدمين من الأئمة، لا يذكرون مناهجهم وشروطهم بعباراتٍ تعريفية أو بحدودٍ فاصلة، على طريقة متأخري المتكلمن والأصوليين، بل جرت عادتهم باستعمال اللغة الخاصة بأهل هذا الفن، فإذا لم يفهم غيرهم المراد من مفردات تلك اللغة، فالعتْبُ عليهم؛ إذ لم يرجعوا إلى أصحاب التخصص فى ذلك.
وليس عدمُ نصِّ أئمة هذا الشأن على ما ذكرنا بمسوِّغٍ لغير أهل الاختصاص: أن يطلقوا العنان لنسبة ما يتراءى لهم من شروطٍ للأئمة أو مناهجَ لهم.
بل الأمر بحاجة إلى طول النظر، والبحث المتواصل، مع توفر الملكة والأدوات اللازمة لفهم تصرفات الأئمة وعباراتهم.
وأما عدم صلاحية (صحيح البخاري) لإثبات نسبة شرطٍ ما من شروط الصحة إلى البخاري بحجة أن البخاري قد أسَّسَ كتابه على شدة الاحتياط والمبالغة في