سبقه من الأئمة في وصف هؤلاء بذلك، أو استدل مع ذلك بكون جُل رواية هؤلاء عن الصحابة، وليس فيها رواية عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولعله لذلك قد نصَّ ابن رجب في إلزامه بأن يكون مُعاصر النبي -صلى الله عليه وسلم- مع إمكان لقائه: روى عنه شيئا، فحينئذ يكون الإلزام قائما، والله تعالى أعلم.
ص (27):
تعليقا على الملاحظة الواردة هناك.
أقول:
إنما قال مسلم " ... وجائز ممكن له لقاؤه والسماع منه لكونهما جميعا كانا فى عصر واحد ... ".
فمسلم قد صرح بأنه يُكتفى بإمكانية اللقاء والسماع للمعاصر، شريطة ألا يقوم دليلٌ ينقض تلك الإمكانية، فالحديث عنده على الاتصال بهذه الإمكانية مع تحقق الشرطين الآخرين، فهو لا يشترط العلم بالسماع بدليل خاص، بل يكتفي بما قدمنا.
أما مخالفه فيشترط تحقق العلم باللقاء أو السماع بدليل خاص؛ كثبوت تصريحه بما يدل عليه من ألفاظ الاتصال المعروفة، كسمعت وحدثنا، أو ما يدل على حضور مجلسه أو مماشاته أو نحو ذلك من الأدلة الخاصة المُثبِتة لوقوع اللقاء أو السماع ولو مرة.
فمسلم لا يشترط -لثبوت الاتصال- تحقُّق العلم باللقاء أو السماع، بل إذا توفرت الشروط التى ذكرها، فالأصل هو حصول اللقاء والسماع.
ومخالفه لا يراه أصلا فى ذلك، بل هو على الاحتمال حتى يأتي دليلٌ خارجي يُثبت ذلك، ولو مرة.
فليس في تعبير أهل العلم بأن البخاري يشترط العلم باللقاء أو السماع، وأن مسلما لا يشترط العلم بذلك: أيّ تجوّز أو تسمّح أو اختصار، بل هي كبد الحقيقة، والله تعالى أعلم.