لدينا، غير أن الناقد البيكوني لا يستطيع أن يعيش في عصر يدق فيه التخصص على مر الأيام.

إذن فلنقل أن الناقد المتخصص هو الذي يستطيع أن يستغل طريقة واحدة مطورة موسعة. ولكن نقادنا المعاصرين لا يشأون شأو النقاد البيكونيين، ونحن نحس أن ضيق التخصص لديهم يجعلهم مشوهين للأدب لا سداد في أيديهم. وهم أحد اثنين في الغالب: محدود الآفاق يستطيع أن يؤدي شيئاً واحداً أداء جيداً ويعجز عما عداه مثل أدموند ولسن في التفسير وفان ويك بروكس في كتاب التراجم؛ أو متخصص في ميدان خارج عن ميدان الأدب مثل تخصص مود بودكين في التحليل النفسي وكودول في الماركسية والآنسة رورك في أمور الفولكلور. ومثل هؤلاء النقاد الذين يحسنون طريقة واحدة مطورة يفيدون أشد الإفادة في حالين، أما حين يتخصصون في الأدب الذي تلائمه طريقتهم ومعارفهم كتخصص مدرسة كمبردج في دراسة الأدب الإغريقي، لأن الصلة بين هذا الأدب وبين التفسيرات الشعائرية وثيقة قوية؛ وأما حين يتخصصون في تلك الجوانب من الآداب التي أن سلطوا عليها مبادئهم وأفكارهم وضحتها وجلتها كما يفعل النقاد النفسيون والماركسيون (أو كما يجب أن يفعلوا) .

غير أن هذين النوعين من التخصص النقدي في حاجة إلى شيء آخر ليجعلهما مثمرين، وهذا الشيء هو العمل التعاوني في النقد أو سمه النقد الجماعي، وهذا هو الأمل الذي داعب اليوت في عهد مبكر، فعبر عنه في مقال " تجربة في النقد " بمجلة رضي الله عنهookman، تشرين الثاني 1929 إذ قال أنه " تعاون النقاد ذوي الدربة المختلفة ثم قيام أناس لا هم مختصون ولا هواة باستخلاص ما يسهمون به وتكديسه وتصنيفه ". وقد نسمي هذا النقد الجماعي باسم " مأدبة " Symposium وهي لفظة لا تزال تحمل في تركيبها حروف " أد ب " مهما تبتعد إيحاءاتها. ولدينا أمثلة من هذه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015