من بني الإنسان؛ ونحن إنما نريد طريقة متكاملة فلنقل أن قسطاً صالحاً كبيراً من التكامل ممكن وإنه في طوق إنسان واحد أن يستعمل عدداً من الطرق والمذاهب. خذ مثلاً كنث بيرك، تجد أن هذا النقد قد أدى بين الحين والحين كل " الأدوار " التي يشملها النقد الحديث كما أدى إلى جانبها عدداً من الأشياء الأخرى المتصلة بها، وقد كان نصيب رتشاردز وإمبسون وبلاكمور أقل من ذلك لأنهم لم يكثروا من التركيب بين الطرق النقدية، وجنحوا وبخاصة بلاكمور إلى أداء شيء واحد في وقت واحد حسبما يتطلبه الأثر الذي ينقدونه، وهؤلاء هم خيرة نقادنا، وقد كان التكامل في أعمالهم موفقاً ناجحاً ولكنهم حادوا عن التكامل الكلي النظري الذي يحتاج جهوداً لا حد لها، وكانت قاعدتهم في ذلك: 1) ألا يتابعوا باستقصاء كل وسيلة من وسائلهم إلى آخرها وإنما يتابعونها إلى حد ما يقفون عنده إذ يجدونها توحي بإمكانات جديدة وراء ذلك، 2) وأن يلحوا على تلك الوسائل التي تبدو مثمرة في معالجة أثر معين دون غيرها، ويهملوا أو يقللوا من شأن الوسائل الأخرى - مؤقتاً - لأنها أقل ثمرة ولكنه قد يستغلون ما أهملوه أو قللوا من شأنه في مناسبة أخرى. غير أن خيرة نقادنا هؤلاء لم يستطيعوا حتى في ضمن هذه الحدود أن يجدوا ندحة في الزمان والمكان تمكنه من أن يتعمقوا حسبما يرغبون لأن باعهم في العلم والمعرفة مهما اتسع لا في بما يريدون، وسيغدوا من العسير في المستقبل أن يتقن الناقد كل فرع من فروع المعرفة يفيد في ميدان النقد الأدبي بل انه سيغدو حتماً أمراً مستحيلا، وستنمو العلوم الاجتماعية نمواً كبيراً في عاجل الأيام أو آجلها حتى أن دراسة فرع واحد منها تستنزف العمر كله إذا أريد تسليطها على النقد الأدبي ولن يبقى لدى الناقد إلا وقت قليل للتعرف على الأدب نفسه، ولا ريب في أن الناقد البيكوني الذي يحيط بكل أنواع المعارف هو الأثير المفضل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015