" الموائد " النقدية في كتب نشرت بعضها قام به متخصصون وبعضها يتناول موضوعات خاصة ومنها ما يدور حول بلد أو فترة من الفترات ومنها ما يتعلق بشخص واحد في عيد ذكراه، ومنها عدد من أعداد إحدى المجلات يخصص لدراسة أديب واحد أو يخصص لدراسة أثر واحد لأحد الأدباء، وهناك " المآدب " الغنية الحافلة و " المآدب " الفقيرة الخادعة.

واكبر خطأ يعتور هذه الأنواع جميعاً وبخاصة الأخيرة منها أنها لا تحفل بالتخصص الكافي ذلك لأن اختيار الناقدين المسهمين في مثل هذه المجموعات إنما يكون عرضاً واتفاقاً فيجيء التداخل في مقالاتهم ولا تتمثل فيها جميع المذاهب ووجهات النظر وفي بعض الحالات تجدهم يحاولون أن يحشدوا في المجموعة كل ما يمكن حشده فلا يلتقي النقاد حول الموضوع نفسه أبداً فتفقد المجموعة قيمتها الحقيقية، إذ ليست قيمتها في اختلاف المادة وغنما في اختلاف أساليب التناول للمادة نفسها. فالمجموعة الناجحة نجاحاً تاماً هي التي تتضافر فيها أقلام المتخصصين، على نحو مخطط منظم، ثم بأن ينشئوا خطوط تخصصهم على أساس من الطريقة لا الموضوع. وفي الوقت نفسه تشجع مثل هذه المجموعة المسهمين فيها على اقتسام العمل وتوزيعه لان كل واحد يلتزم الاتجاه النقدي الذي يسير فيه فيؤدي شيئاً واحداً دون ما عداه. حقاً أنها قد تجعل النقاد المحدثين اشد تحيزاً ومحدودية وتخصصاً وأقل اكتمالا ولكنهم يكسبون في جانب العمق ويعوض أحدهم ما لدى الآخر من نقص فيتوفر لدى المهمة النقدية فضائل المجال الوسيع والاكتمال وهي فضائل لا يقوم بها واحد من النقاد إلا تلبست به السطحية.

هل يمكن أن يتحقق هذا عملياً؟ نعم في ناحيتين: أولا: المجلة فإنها قد تخصص بعض أعدادها لدراسة شخص واحد أو موضوع واحد، ولو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015