ومن أغراض حذف المفعول. إيراد ذكره ثانياً بحيث يعمل الفعل في صريح لفظه لا في ضميره العائد عليه إظهاراً لكمال العناية بوقوع الفعل عليه، كالذي تراه من قول أبي عبادة البحتري في مدح المعتز بالله:
قد طلبنا فلم نجد لك في السوء ... دد، والمجد والمكارم مثلا.
لم يزل حقك المقدم يمحو ... باطل المستعار حتى اضمحلا
أي أننا أعياناً البحث عن مثيل لك، دون أن نعثر على هذا المثيل، فلا نظير لك، لأن شمس حقك أزالت باطل غيرك.
والشاهد هنا: قولة: (قد طلبنا) حيث حذف مفعوله، لأن الأصل: قد طلبنا لك، ولكنه حذف لإيقاع الفعل المنفي على صريح لفظه - كما جاء عليه البيت -، ولو أنه ذكر المفعول فقال: طلبنا لك مثلا، لناسب أن يقول بعد ذلك: فلم نحدده، لأن المقام حينئذ يكون للضمير لتقدم مرجعه، فيفوت المقصود وهو: إيقاع الفعل المنفي على صريح لفظ المفعول الدال صراحة على عدم وجود المثل، وذلك أنسب بمقام المدح.
إذ لو سلط الفعل على ضميره - والضمير يصح أن يعود على شخص آخر غير الممدوح - لما كان نصا صريحاً في نفس المثل عنه.
على أنه يمكن أن يكون الغرض من حذف المفعول في البيت المذكور هو: التحرج من مواجهة الممدوح بطلب مثل له مبالغة في التأدب معه تعظيما له.
كما أنه يمكن أن يكون الغرض هو: البيان بعد الإبهام، لن المطلوب أبهم أولا، ثم بين أنه المثل، ولهذا أثر حميد في النفس.
ومن أغراض حذف المفعول: قصد التعميم في المفعول مع الاختصار: