وذلك كقولك: قد كان منك ما يؤلم، أي: كل أحد. وقوله تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ}، أي جميع الكلفين.
ومنها: استهجان التصريح بالمفعول، كما في قول عائشة -رضي الله عنها -: (ما رأيت منه ولا رأي مني) يريد. العورة.
ومنها: رعاية الفاصلة في النثر، أو مراعاة الوزن في النظم:
أما الأول: فكما في قوله تعالى: {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} أي: ما قلاك خدي المفعول محافظة على الروي، حتى يتوافق مع ما قبله وما بعده.
ويمكن أن يكون الغرض من الحذف في الآية الكريمة هو: ترك مواجهته -صلى الله عليه وسلم - بإيقاع لفظ (قلى) الذي معناه: أبغض على ضميره حتى ولو كان منفياً.
وأما الثاني: فكما في قول الشاعر:
بناها فأعلى والقنا يقرع؟ ؟ ؟ ؟ ... وموج المنايا حولها متلاطم.
يقصد: فأعلاها، ولكنه حذف المفعول محافظاً على وزن البيت.
ومنها: قصد الاختصار المجرد عن أي اعتبار، وذلك كما في قولهم: أصغيت إليه؛ أي: أذني، وأغضبت عنه، أي: بصري، فحذف المفعول في المثالين لمجرد الاختصار.
ومنه قول الله تعالى: {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} أي: أرني ذاتك.
وقد أورد السكاكي ما حذف المفعول فيه لمجرد الاختصار: قول الله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ