والمهارشة: المواثبة، أز بأرت أي: تهيأت للقتال. أبذعرت: تفرقت وجرم ونهد: قبيلتان، درية: أي عرضة، أجرت: الإجراء، شق لسان الفصيل لئلا يرضع أمه، ويجعل فيد عويد.
وكان من خبر هذه الأبيات: أن قبيلة جرم قتلت رجلا من بني الحرث فارتحلت جرم، فتحولوا إلى بني زبيد قوم عمرو، فجاءت بنو الحرث يطلبون بدم صاحبهم، فعبأ عمرو جرماً لبني نهد، وتعبأ هو وقومه لبني الحرث فكرهت جرم دماء بني نهد، ففرت وانهزمت بنو زبيد، فلا مهم عمرو.
والشاهد في البيت الأخير، ومعناه، لو أن قومي أبلغوا في الحرب بلاء حسنا لمدحتهم وذكرت بلاءهم، ولكنهم قصروا فأجروا لساني فما انطلق بمدحهم.
فقوله: (أجرت) فعل متعد والمعنى: أجرتني، ولكنه نزل منزلة اللازم قصدا إلى إثبات الفعل للفاعل، أي: إثبات الإجرار للرماح، دون نظر إلى تعلقه بمفعول، لأنه يريد أن يقول: أنه كان منها ما من شأنه أن يجر كل لسان ويخرسه عن النطق بمدحهم والإشادة بهم.
ولو أنه ذكر المفعول فقال: "أجرتني" لما أمكن أن يتأول على هذا المعنى، لجواز أن يوجد مثل ذلك في قوم آخرين فلا يجرح مشاعرهم.
ومنه قول طفيل الغنوى:
جزى الله عنا جعفراً حين أزلقت ... بنا نعلنا في الواطئين فزلت
أبو أن يملونا ولو أن أمنا ... تلاقي الذي لافته من الملت
هموا خلطونا بالنفوس وألجأوا ... إلى حجرات أدفأت وأظلت