بين أيديهم من أبواب العبادة إلا باب التورع عن أكل اللحم مخافة أن ينقلب المباح بإعراضهم عنه حراما كما ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاة التراويح بعد أدائها مخافة أن تنقلب سنتها باستمراره عليها فريضة1.
وأحسب أن لو كنت فيهم من أكلة السحت أو الميتة والدم ولحم الخنزير أو أموال الناس بالباطل لأوسعوا لي في صدورهم من العذر ما لم يوسعوا في ترك مباح ما تركته نقمة على الشريعة أو تبرما بها أو تمردا عليها, ولكنني كنت امرأ جزوعا يزعجني منظر الشرائح الحيوانية على مائدتي؛ لأنه يذكرني بمنظر الذبيحة وارتياعها وولهها بين حبل الذابح وسكينه وكنت فقيرا بائسا لا أملك في كل عام من الرزق إلا نيفا وعشرين دينارا, لا يتسع مثلها لمثل ما يتسع له عيش الناعمين المترفين2 وما كنت