فادفعها إلى القائد فكتب إليه سوار: إن البينة قد قامت عندي أنها للتاجر، فلست أخرجها من يده إلا ببينة، فكتب إليه المنصور: والله الذي لا إله إلا هو لا أخرجتها من يد التاجر إلا بحق، فلما جاءه الكتاب قال: ملأتها والله عدلا وصار قضاتي تردني إلى الحق.

غير أن الإسلام لم يكتف بمنع ولاة الأمر من التدخل في عمل القاضي حفاظا على استقلاله فحسب بل إنه فرض لاستقلال القضاء ضمانات أخرى لتثبيته وتوطيده ولما كان مركز القاضي في المجتمع مركزا مهما وخطيرا لأنه هو الذي يفصل بين الناس، فينبغي أن يكون محل ثقة واحترام الناس لتطمئن على عدالته في الحكم. ولا يستطيع القاضي أن ينال هذه المنزلة عند الناس إلا بالدليل الملموس الذي يقدمه للناس في سلوكه المرضي البعيد عن الشبهات وفي صرامته في التمسك بعدالة الحكم بين الخصوم. فقد نبه الفقهاء رحمهم الله تعالى إلى ذلك وذكروا ما ينبغي أن يبتعد عنه القاضي في سلوكه وسيرته وأعماله ولا شك أن ما ذكروه هو على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر، والقاعدة العامة في سلوكه هي أن يكون مرضيا لا تثار حوله الشكوك والريب، ومما نبه عليه الفقهاء في هذا المجال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015