وآراؤنا هذه عن شيوع النصرانية في كل أنحاء العرب ونفوذها في آدابهم وشعرهم قد تحققها غيرنا من كبار المستشرقين كدي ساسي ولونورمان في فرنسة وبلغراف (Palgrave) وليال في إنكلترا وولهوزن في ألمانية فيرون في معظم الشعر الجاهلي من عواطف وتصوير أفكار ومعرفة حقائق عقلية وأدبية ما لا يمكن نسبته إلىغير النصرانية مما يخالف المعلومات التي سبق كتبه السريان واليونان والرومان فرووها عن العرب قبل ذلك العهد وذلك وفقاً لما نعلم عن تنصر المناذرة والغساسنة وملوك كندة وبعض التبابعة فأثرت نصرانيتهم في شعراء ذاك القرن السادس ندماء أولئك الملوك فقصدوهم متدينين بدينهم وقلما تجد شعراء نبغوا حينئذ في نواحي أخرى من العرب كنجد والحجاز وأن وجد بعضهم فآثار النصرانية فيهم ظاهرة كورقة بن نوفل وزيد بن عمرو وشعراء طيء.

4 شعراء النصرانية

إذا ما تخطينا الآن من هذه البينات والأدلة العمومية عن الشعر النصراني ونفوذه بين عرب الجاهلية واعتبرنا أفراد الشعراء الذين أثبتنا أسماءهم وقصائدهم في كتابنا "شعراء النصرانية" تمهد لنا الطريق للحكم بنصرانيتهم إما بتاتاً وإما ترجيحاً فها نحن نستقري ذكرهم على سياق قبائلهم التي انتسبوا إليها.

أولاً قبائل ربيعة

قبائل ربيعة كثيرة العدد كانت تسكن في الجهات الممتدة بين الفرات والخابور إلى أنحاء العراق. وبنور ربيعة على اختلاف قبائلهم يتكلون بربيعة بن نزار جدهم الأعلى. وفي ربيعة خصوصاً انتشر الدين النصراني كما روى كثيرون من كتبة المسلمين كابن قتيبة وابن رسته والقاضي صاعد الأندلسي والفيروز أبادي (راجع أقوالهم في الصفحة 13) . ولا تجد في ما يروى من شعرهم أثراً للشرك وعبادة الأصنام وفيه على خلاف ذلك من الأقوال في التوحيد وتقى الله ومدح الفضيلة ما يدل على تأثير التعاليم النصرانية في قلوبهم إذ كانوا محاطين في أنحائهم بالسياح وأديرة الرهبان والكنائس. ويتردد أكثرهم على ملوك الحيرة المتنصرين ويمدحونهم. وثبتت النصرانية في ربيعة مدة بعد السلام وقد ذكر في الأغاني (20: 127) : "نصارى بعض أحياء ربيعة في عهد بني أمية".

1 شعراء تغلب

لا نظن أن أحداً ينكر علينا نصرانية تغلب مع الكتبة القدماء على اعتصامها بالدين المسيحي قبل الهجرة بزمن طويل يمكن ترقيته إلى ما وراء القرن الخامس للميلاد إلى عهد السياح والرهبان الذين أزهروا في الجزيرة في القرن الرابع للمسيح. وقد مرت لنا الشواهد على ذلك في القسم الأول. ومن ثم لا حاجة إلى إثبات نصرانية شعراء تغلب الذين نظمناهم في سلك كتابنا شعراء النصرانية وهم ثمانية هذه أسماؤهم على ترتيب ذكرهم في الكتاب مع الإشارة إلى الصفحات التي وردت فيها أخبارهم: 1 كليب وائل (شعراء النصرانية ص 151 159) 2 المهلهل أخو كليب (شعراء النصرانية ص 160 181) 3 السفاج التغلبي (شعراء النصرانية ص 182 183) 4 الأخنس بن شهاب (شعراء النصرانية ص 184 187) 5 جابر بن حني (شعراء النصرانية ص 188 191) 6 أفنون صريم بن معشر (شعراء النصرانية ص 192 194) 7 عميرة بن جعيل (شعراء النصرانية ص 195 196) 8 عمرو بن كلثوم (شعراء النصرانية ص 197 204) فهؤلاء كلهم سواء صرحوا بدينهم النصراني كما ترى في ترجمة جابر بن حني أم سكتوا عنها فلا شك بنصرانيتهم.

2 شعراء بكر

أن نصرانية بني بكر ثابتة كنصرانية تغلب وكانت كلتا القبيلتين ساكنة في الجزيرة متجاورة في ديار بكر وديار ربيعة وهما ترتقيان إلى اصل واحد إلى وائل ومنه إلى ربيعة بت نزار وتدينان بدين واحد وكل من ذكر نصرانية تغلب أضاف إليها بكراً كما روينا سابقاً. هذا مع ما حصل بين القبيلتين من النزاعات والحروب أخصها حرب البسوس كما يجري غالباً من المنافسات والضغائن بين الأقارب. وبكر قبيلة كبيرة كتغلب تتفرع إلى فروع عديدة كضبيعة وشيبان ومرة ويشكر وعجل وقد اتينا في باب القبائل المتنصرة بذكر هذه الفروع.

(بنو ضبعة بن قيس بن ثغلبة) ذكرنا منهم في شعراء النصرانية هؤلاء الثمانية الآتين: 1 سعد بن مالك بن ضبيعة (شعراء النصرانية ص 264 267) .

2 جحدر بن ضبيعة (شعراء النصرانية 268 269) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015