الأيام ومدّ يده إلى لحية السلطان وقال له: يا أبا علىّ بحياة هذه اللّحية ومسك منها شعرات إلّا ما أعطيتنى الضّيعة الفلانية إنعاما علىّ، فصرخ فيه فخر الدين ناظر الجيش وقال له:

شل يدك، قطع الله يدك! تمدّ يدك إلى السلطان، فتبسّم له السلطان وقال: هذه عادة العرب، إذا قصدوا كبيرا فى شىء فيكون عظمته عندهم مسك لحيته، يريد أنه استجار بذلك المسّ، فهو سنّة عندهم؛ فغضب الفخر ناظر الجيش وقام وهو يقول: إنّ هؤلاء مناحيس وسنّتهم أنحس. ثم عاد السلطان بعد أن قضى مناسكه إلى جهة الديار المصرية فى يوم السبت ثانى عشر المحرّم سنة عشرين وسبعمائة بعد أن خرج الأمراء إلى لقائه ببركة الحجّاج، وركب السلطان بعد انقضاء السّماط فى موكب عظيم، وقد خرج الناس لرؤيته وسار حتى طلع القلعة، فكان يوما مشهودا، وزيّنت القاهرة ومصر زينة عظيمة لقدومه، وكثرت التهانى وأرباب الملاهى من الطبول والزمور، وجلس السلطان على تخت الملك وخلع على الأمراء وألبس كريم الدين الكبير أطلسين، ولم يتّفق ذلك لمتعمّم قبله. ثم خلع السلطان على الملك المؤيد إسماعيل صاحب حماة وأركبه بشعار السلطنة من المدرسة المنصورية ببين القصرين، وحمل وراءه الأمير قجليس السّلاح دار السّلاح، وحمل الأمير ألجاى الدّوادار الدواة، وركب معه الأمير بيبرس الأحمدى أمير جاندار والأمير طيبرس، وسار بالغاشية «1» والعصائب «2» وسائر دست السلطنة وهم بالخلع معه إلى أن طلع إلى القلعة، فكان عدّة تشاريف من سار معه مائة وثلاثين تشريفا فيها ثلاثة عشر أطلس والبقية كنجى «3» وعمل الدار وطرد وحش، وقبّل الأرض وجلس على ميمنة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015