وفى هذه السنة مهّد السلطان ما كان فى عقبة أيلة من الصخور، ووسّع طريقها، حتى أمكن سلوكها بغير مشقّة، وأنفق على ذلك جملا مستكثرة، واتفق لكريم الدين الكبير ناظر الخاصة أمر غريب بمكة فيه موعظة، وهو أنّ السلطان بالغ فى تواضعه فى هذه الحجّة للغاية، فلما أخرجت الكسوة لتعمل على البيت صعد كريم الدين المذكور إلى أعلى الكعبة بعد ما صلّى بجوفها، ثم جلس على العتبة ينظر فى الخيّاطين، فأنكر الناس استعلاءه على الطائفين، فبعث الله عليه وهو جالس نعاسا سقط منه على رأسه من علو البيت فلو لم يتداركوه من تحته لهلك، وصرخ الناس فى الطواف صرخة عظيمة تعجّبا من ظهور قدرة الله تعالى فى إذلال المتكبرين! وانقطع ظفر كريم الدين وعلم بذنبه فتصدّق بمال جزيل.

وفى هذه السّفرة أيضا أجرى السلطان الماء لخليص «1» وكان انقطع من مدّة سنين، ولقى السلطان فى هذه السّفرة جميع العربان وملوكها من بنى مهدىّ «2» وأمرائها وشطى «3» وأخاه عسّافا وأولاده وأشراف مكة من الأمراء وغيرهم، وأشراف المدينة وينبع وغيرهم، وعرب خليص وبنى «4» لأم وعربان حوران «5» وأولاد مهنّا: موسى «6» وسليمان وفيّاضا وأحمد وغيرهم، ولم يتفق اجتماعهم عند ملك غيره، وأنعم عليهم بإقطاعات وصلات وتدلّلوا على السلطان، حتى إنّ موسى بن مهنّا كان له ولد صغير فقام فى بعض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015