وفيها اهتمّ السلطان لحركة السفر إلى الحجاز الشريف، وتقدّم كريم الدين الكبير ناظر الخواصّ إلى الإسكندرية لعمل الثّياب الحريز برسم كسوة الكعبة، وبينا السلطان فى ذلك وصلت تقدمة الأمير تنكز نائب الشام، وفيها الخيل والهجن بأكوار «1» ذهب وسلاسل ذهب وفضّة ومقاود حرير، وكانت عدّة كثيرة يطول الشرح فى ذكرها. ثم أيضا وصلت تقدمة الملك المؤيّد عماد الدين إسماعيل صاحب حماة، وهى أيضا تشتمل على أشياء كثيرة، وتولّى كريم الدين تجهيز ما يحتاج إليه السلطان من كلّ شىء حتى إنه عمل له عدّة قدور من ذهب وفضّة [ونحاس «2» ] تحمل على البخاتىّ ويطبخ فيها للسلطان، وأحضر الخولة لعمل مباقل ورياحين فى أحواض خشب تحمل على الجمال فتسير مزروعة فيها وتسقى بالماء، ويحصد منها ما تدعو الحاجة إليه أوّلا بأوّل، فتهيأ من البقل والكرّاث والكسبرة والنعناع وأنواع المشمومات والرّيحان شىء كثير، ورتّب لها الخولة لتعاهدها بالسقية وغيرها، وجهّزت الأفران وصنّاع الكماج «3» والجبن المقلى وغيره. وكتبت أوراق عليق السلطان والأمراء الذين معه وعدّتهم اثنان وخمسون أميرا، لكل أمير ما بين مائة عليقة، [فى كل يوم «4» ] إلى خمسين عليقة إلى عشرين عليقة، وكانت جملة العليق فى مدّة سفر السلطان ذهابا وإيابا مائة ألف اردبّ وثلاثين ألف إردب [من الشعير «5» ] وحمل تنكز من دمشق خمسمائة حمل على الجمال ما بين حلوى وسكر وفواكه ومائة وثمانين حمل حبّ رمّان ولوز، وما يحتاج إليه من أصناف الطبخ، وجهّز كريم الدين الكبير من الإوزّ ألف طائر، ومن الدّجاج ثلاثة آلاف طائر، وأشياء كثيرة من ذلك.