السلطان ويطيّب خاطره، ولم يرد غير ذلك، فما زالا به حتّى أخرج الرجل وقد أشفى على الموت، ورسم بنفيه من الديار المصريّة، فعند ذلك حمد الله تعالى الأمراء على سكوتهم وتركهم الشفاعة فى تغيير «1» مثالات الأجناد. انتهى أمر الرّوك وما يتعلّق به.
وفى محرّم سنة ستّ عشرة وسبعمائة ورد الخبر على السلطان بموت خربندا ملك التّتار وجلوس ولده بو سعيد «2» فى الملك بعده. ثم أفرج الملك الناصر عن الأمير بكتمر الحسامىّ الحاجب وخلع عليه يوم الخميس ثالث عشر شوّال من السنة المذكورة بنيابة صفد، وأنعم عليه بمائتى ألف درهم. ثم نقل السلطان فى السنة أيضا الأمير كراى المنصورىّ وسنقر الكمالىّ الحاجب من سجن الكرك إلى البرج بقلعة الجبل فسجنا بها.
ثمّ بدا له زيارة القدس الشريف، ونزل السلطان بعد أيام فى يوم الخميس رابع جمادى الأولى من سنة سبع عشرة وسبعمائة، [وسار «3» ] ومعه خمسون أميرا، وكريم الدين الكبير ناظر الخواصّ وفخر الدين ناظر الجيش، وعلاء الدين [علىّ بن أحمد بن «4» سعيد] بن الأثير كاتب السّرّ، بعد ما فرّق فى كلّ واحد فرسا مسرجا وهجينا، وبعضهم ثلاث هجن، وكتب إلى الأمير تنكز نائب الشام أن يلقاه بالإقامات «5» لزيارة القدس، فتوجّه إلى القدس وزاره، ثم توجّه إلى الكرك ودخله وأفرج عن جماعة، ثم عاد إلى الديار المصريّة فدخلها فى رابع عشر جمادى الآخرة، فكانت غيبته عن مصر أربعين يوما.