وغيرها، وأضاف ذلك كلّه لخاصّ السلطان، وبالغ السلطان فى إقامة الحرمة فى أيّام العرض، وعرّف الأمير أرغون النائب وأكابر الأمراء أنّه من ردّ مثالا أو تضرّر أو شكا ضرب وحبس وقطع خبزه، وأنّ أحدا من الأمراء لا يتكلّم مع السلطان فى أمر جندىّ ولا مملوك، فلم يتجاسر أحد يخالف ما رسم به؛ وغبن فى هذا الرّوك أكثر الأجناد، فإنّهم أخذوا إقطاعا دون الإقطاع الذي كان معهم، وقصد الأمراء التحدث فى ذلك مع السلطان، فنهاهم أرغون النائب عن ذلك، فقدّر الله تعالى أنّ الملك الناصر نزل إلى بركة «1» الحجيج لصيد الكركى «2» على العادة، وجلس فى البستان المنصورىّ الذي كان هناك ليستريح، فدخل بعض المرقداريّة «3» يقال له عزيز وكان من عادته يهزل قدّام السلطان ليضحكه، فأخذ المرقدار يهزل ويمزح ويتمسخر قدّام السلطان والأمراء جلوس، وهناك ساقية فتمادى فى الهزل لشؤم بخته إلى أن قال:

وجدت جنديّا من جند الرّوك الناصرىّ وهو راكب إكديشا، وخرجه ومخلاته ورمحه على كتفه، وأراد أن يتم الكلام، فآشتدّ غضب السلطان، فصاح فى المماليك: عرّوه ثيابه، ففى الحال خلعت عنه الثّياب، وربط مع قواديس الساقية، وضربت الأبقار حتى أسرعت فى الدوران، فصار عزيز المذكور تارة ينغمس فى الماء وتارة يظهر وهو يستغيث وقد عاين الموت، والسلطان يزداد غضبا ولم يجسر أحد من الأمراء أن يشفع فيه حتّى مضى نحو ساعتين وانقطع حسّه، فتقدّم الأمير طغاى الناصرىّ والأمير قطلوبغا «4» الفخرىّ الناصرىّ وقالا: ياخوند، هذا المسكين لم يرد إلّا أن يضحك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015